نام کتاب : شرح توحید صدوق نویسنده : القمي، القاضي سعيد جلد : 1 صفحه : 368
و مصحّح لجميع
الأحكام، فلو كان للّه مكان لكان محاطا بذلك المكان، و ذلك ينافي عظمته سبحانه،
فهو جلّ برهانه لا يسعه أرض و لا سماء بل يسعه قلب عبده المؤمن [1]، و هو أيضا لا بالحواية و الإحاطة بل
لكونه مظهرا لصفاته الحسنى و مرآة بها يتراءى جماله الأسنى. و في هذا الكلام منه
عليه السلام إشارة الى صحّة القول بالسطح إذ الإحاطة و الحواية انّما يتصور حقيقة
فيه و إن كان يمكن أن يدّعى في البعد أيضا على تكلّف.
[انّه
تعالى لا تذرعه المقادير]
و لا تذرعه
المقادير لجلاله «المقدار» ما يقدّر به الشيء و يعرف به قدره. و من البيّن انّ
الجسم انّما تذرعه المقادير لحلولها فيه. و كذا بعض المقادير يقدّر بعضها كنصف
الذارع مثلا بالنسبة إليه، و يقدر ما يحلّ هو فيها كالسواد و البياض. و اللّه جلّ
جلاله لا تذرعه المقادير المذكورة لا بحلولها فيه سبحانه، و لا بأن يكون نفسه
مقدارا حتى يقدّر كلّه ببعضه أو بأمر خارج، و لا بحلوله عزّ شأنه فيها، إذ هو
منزّه عن جميع هذه الأنحاء. و علّل ذلك عليه السلام بوصف «الجلال». و سرّ ذلك: أنّ
الجلال يشير الى صفات الشرف و الى كمال الصّفات بحيث لا يحوم حولها نقص و لا ضعف
كما صرّح بذلك علماء اللّسان، و كلّ محلّ فانّه ناقص، لأنّ له بحسب ذاته قوّة
للأمر الحالّ فيه، و القوّة نقص و عدم، و كلّ أمر حالّ فانّه أنقص وجودا إذ وجوده
متعلّق القوام بمحلّه، و قد علمت ان التقدّر انّما يكون بالوجوه الثلاثة و هو
سبحانه في كمال شرف الصّفات فلا يلحقه نقص من وجه لا بحلول شيء فيه و لا بحلوله
في شيء و كذا الكلام في التقديرات الوهمية و العقلية؛ إذ الكامل من جميع الوجوه
لا يدخل في عقل و لا وهم حتى يتأتّى لهما تقديره، إذ التعقّل و التوهّم