نام کتاب : شرح توحید صدوق نویسنده : القمي، القاضي سعيد جلد : 1 صفحه : 271
معيّن متناهي
الحدود. و وضع كلّ جسم من الأجسام موضعه حيث يطلب كلّ جسم بعد تقدّره [1] بالمقدار الّذي يخصّه مكانا خاصّا،
جعله الباري من حيث طبيعته طالبا له، بأن خلق أوّلا أرضا قائمة في الوسط، ثم بعد
ذلك ماء فوقها، ثم هواء فوقه نار، ثم خلق سماء و جعلها فوق الكلّ و محيطا بالجميع،
ثم خلق من تحريك السّماء الموجب لاختلاف استعدادات السفليّات، مركّبات لا يحصى
عددها. «و وجّهه بجهة» (بالتنوين) و الظاهر فيه الضمير أي جعل الكل بعد تقدّره و
تمكّنه متوجّها و متحرّكا بحركة نحو جهة خاصّة: إمّا في الكمّ أو الكيف أو الأين
إذ الحركة بعد التقدّر بالمقدار و التمكن في المكان.
فلم يبلغ منه
شيء حدود منزلته، و لم يقصر دون الانتهاء الى مشيّته، و لم يستصعب إذا أمره
بالمضيّ الى ارادته.
كلّ واحدة [2] من هذه
الفقرات متفرّعة على كلّ من الأمور الثلاثة السابقة بخلاف الترتيب و في نهج
البلاغة «فلم يتعدّ» بدل «فلم تبلغ» و هو الظاهر أي لم يتجاوز شيء من هذا الخلق
من المرتبة المحدودة له و المكان الطبيعي المعيّن له، و لم يقصر عن الوصول الى ما
شاءه من المقدار المحدود المتناهي الّذي عيّنه له. «و لم يستصعب» أي لم يكن عليه
صعبا أو لم يكن هو نفسه صعبا ذا امتناع إذا أمره اللّه بالمضيّ و الحركة الى جهة
ما أراده اللّه عزّ و جلّ، بل أطاع و انقاد لذلك حيث أمر بحركة الأفلاك لاختلاط
الأركان و استعداد المواد لقبول صوره ما كان [3]، و بحركة
الأسطقسّات لحصول المزاج و للممتزجات لحصول أنواع النّبات و الحيوان الى أن وصل
الدّور الى الإنسان، ثمّ تحرّك هو الى أن وصل الى ما بدأ