و يدل بمضمونه[1] على المنع من المشي
أمام جنازة المخالف، و بمفهومه على التخيير في جنازة المؤالف. و لو حمل النهي على
الحرمة فلا ينافي الكراهة في المؤمن، و لو حمل على الكراهة كما هو المشهور، فيدل
على نفيها في المؤمن.
قال الفاضل التستري رحمه الله: كان مقتضى المفهوم خلاف المدعى.
و يمكن أن يقال: إن المنطوق المنع من المشي، فالمفهوم جواز المشي، و
هو لا ينافي المدعى، لأن المدعى ليس حرمة المشي أمامه. و فيه أن المدعى كراهة
المشي إمامه، فإذا فهم من الرواية الجواز من غير منع تحققت المنافاة. انتهى.
و أقول: الظاهر في الجمع بين الأخبار حمل أخبار النهي و المرجوحية
على جنازة المخالف، لكن الأولى عدم المشي أمامها مطلقا، لدعوى الإجماع و شهرة
خلافه بين المخالفين، حتى إنهم نسبوا القول بذلك إلى أهل البيت عليهم السلام.
قال بعض شراح صحيح مسلم: كون المشي وراء الجنازة أفضل من أمامها قول
علي بن أبي طالب عليه السلام و مذهب الأوزاعي و أبي حنيفة. و قال جمهور الصحابة و التابعين
و مالك و الشافعي و جماهير العلماء: المشي قدامها أفضل.