و قيل: الطهور هنا اسم آلة بمعنى ما يتطهر به، كالوضوء لما يتوضأ به،
و الوقود لما يتوقد به، بقرينة أن الاهتمام بها أتم حينئذ.
قال الزمخشري: طهورا بليغا في طهارته، و عن أحمد بن يحيى هو ما كان
طاهرا في نفسه مطهرا لغيره. فإن كان ما قاله شرحا لبلاغته في الطهارة كان سديدا، و
يعضده قوله تعالى"وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ
بِهِ" و إلا فليس فعول من التفعيل في شيء.
و الطهور في العربية على وجهين: صفة و اسم غير صفة، فالصفة ماء طهور،
كقولك طاهر. و الاسم كقولك لما يتطهر به طهور كالوضوء و الوقود لما يتوضأ به و
يتوقد به النار، و قولهم: تطهرت طهورا حسنا، كقولك وضوءا حسنا، ذكره سيبويه، و منه
قوله صلى الله عليه و آله: لا صلاة إلا بطهور، أي: بطهارة[2]. انتهى.
و اعترضه النيسابوري: بأنه حيث سلم أن الطهور في العربية على الوجهين
اندفع النزاع، لأن كون الماء مما يتطهر به هو كونه مطهرا لغيره، فكأنه سبحانه قال:
و أنزلنا من السماء ماءا هو آلة للطهارة، و يلزمه أن يكون طاهرا في نفسه.
قال: و مما يؤكد هذا التفسير أنه تعالى ذكره في معرض الإنعام، فوجب
حمله على الوصف الأكمل، و معلوم[3] أن المطهر أكمل من
الطهارة[4]. انتهى.
و الحق أن المناقشة في كون الطهور بمعنى المطهر و إن صحت نظرا إلى
قياس اللغة، لكونه مبالغة في الطاهر، فيكون معناه زيادة الطهارة، كالأكول