قال الرضى- رضوان اللَّه عليه- في نهج البلاغة في باب المختار من
كتبه عليه السّلام (انظر شرح النّهج الحديديّ ج 4؛ ص 66) ما نصّه:
«ومن كتاب له عليه السّلام الى زياد بن أبيهو قد بلغه أنّ
معاوية كتب إليه يريد خديعته باستلحاقه:
(و قد عرفت أنّ معاوية كتب إليك يستزلّ لبّك، و يستفلّ غربك، فاحذره
فانّما هو الشّيطان يأتي المرء من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله
ليقتحم غفلته و يستلب غرّته، و قد كان من أبي سفيان في زمن عمر بن الخطّاب فلتة من
حديث النّفس، و نزعة من نزعات الشّيطان لا يثبت بها نسب، و لا يستحقّ بها إرث و
المتعلّق بها كالواغل المدفّع و النّوط المذبذب).
فلمّا قرأ زياد الكتاب قال: شهد بها و ربّ الكعبة، و لم تزل في نفسه
حتّى ادّعاه معاوية».
و قال ابن أبى الحديد في شرحه بعد تفسير جملاته ما لفظه:
«فأمّا زياد فهو زياد بن عبيد فمن النّاس من يقول عبيد بن فلان و ينسبه إلى
ثقيف، و الأكثرون يقولون: انّ عبيدا كان عبدا و انّه بقي إلى أيّام زياد فابتاعه و
أعتقه، و سنذكر ما ورد في ذلك. و نسبة زياد لغير أبيه لخمول أبيه و الدّعوة الّتي
استلحق بها، فقيل تارة: زياد بن سميّة و هي أمّه، و كانت أمة للحارث بن كلدة بن
عمرو بن علاج الثّقفيّ طبيب العرب و كانت تحت عبيد، و قيل تارة: زياد بن أبيه، و
قيل تارة: زياد بن أمّه، و لمّا استلحق قال له أكثر النّاس: زياد بن أبي سفيان،
لأنّ النّاس مع الملوك الّذين هم مظنّة الرّهبة و الرّغبة، و ليس أتباع الدّين
بالنّسبة