المسلمين سيروا إليه أجمعون، فقام القعقاع بن عمرو فقال: انّ الحقّ
ما قاله الأمير و لكن لا بدّ للنّاس من أمير يردع الظّالم و يعدي المظلوم و ينتظم
به شمل النّاس، و أمير المؤمنين عليّ يلي بما ولي و قد أنصف بالدّعاء و إنّما يريد
الإصلاح فانفروا إليه. و قام عبد خير فقال: النّاس أربع فرق؛ عليّ بمن معه في ظاهر
الكوفة، و طلحة و الزّبير بالبصرة، و معاوية بالشّام، و فرقة بالحجاز لا تقاتل و
لا عناء بها. فقال أبو موسى: أولئك خير الفرق، و هذه فتنة. ثمّ تراسل النّاس في
الكلام ثمّ قام عمّار و الحسن بن عليّ في النّاس على المنبر يدعوان النّاس إلى
النّفير إلى أمير المؤمنين فانّه إنّما يريد الإصلاح بين النّاس. و سمع عمّار رجلا
يسبّ عائشة فقال: اسكت مقبوحا منبوحا و اللَّه انّها لزوجة رسول اللَّه صلّى
اللَّه عليه و آله و سلّم في الدّنيا و الآخرة و لكنّ اللَّه ابتلاكم بها ليعلم أ
تطيعونه أو إيّاها،رواه البخاريّ. و قام حجر بن عديّ فقال: أيّها النّاس سيروا إلى أمير المؤمنين
انفروا خفافا و ثقالا و جاهدوا في سبيل اللَّه بأموالكم و أنفسكم ذلكم خير لكم ان
كنتم تعلمون. و جعل النّاس كلّما قام رجل فحرّض النّاس على النّفير يثبّطهم أبو
موسى من فوق المنبر و عمّار و الحسن معه على المنبر حتّى قال له الحسن بن عليّ:
ويحك اعتزلنا لا أمّ لك و دع منبرنا.
و يقال: انّ عليّا بعث الأشتر فعزل أبا موسى عن الكوفة و أخرجه من
قصر الامارة من تلك اللّيلة (الى آخر ما قال)».
أقول: قد عقد ابن كثير في البداية و النهاية في ترجمة رسول اللَّه
صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم بابا بعنوان «ذكر إخباره صلّى اللَّه عليه
و آله و سلّم عن الفتن الواقعة في آخر أيّام عثمان بن عفّان و في خلافة عليّ بن
أبي طالب» و أورد فيه أحاديث بأسانيد مختلفة في هذا المعنى (انظر ج 6؛ ص 208- 215)
و هذه الأحاديث مذكورة في مسند أحمد بن حنبل، و سنن أبي داود، و صحيح مسلم، و
المناقب، و سنن التّرمذيّ و غيرها من كتب الأحاديث إلّا أنّ المقام لا يسع أكثر من
ذلك.