هذا مثل أوّل من قاله عمرو ابن أخت جذيمة الأبرش كان يجني الكمأة مع
أصحاب له فكانوا إذا وجدوا خيار الكمأة أكلوها، و إذا وجدها عمرو جعلها في كمّه
حتّى يأتي بها خاله و قال هذه الكلمة فصارت مثلا.
و أراد عليّ- رضى اللَّه عنه- بقولها أنّه لم يتلطّخ بشيء من فيء
المسلمين بل وضعه مواضعه».
و قال السّيوطيّ في الدّرّ النّثير في تلخيص نهاية ابن الأثير:
«وقال عليّ:
هذا
جناي و خياره فيه
إذ
كلّ جان يده الى فيه
.
أراد أنّي لم أستأثر بشيء من فيء المسلمين و أصل هذا المثل أنّ
جذيمة أرسل عمرو ابن أخته مع جماعة يجنون له الكمأة فكانوا إذا وجدوا جيّدة أكلوها
و لم يفعل ذلك عمرو فجاءه خاله فقال ذلك».
قال الميداني في مجمع الأمثال: «هذا جناي و خياره فيه، الجنى
المجنيّ و يروى: هذا جناي و هجانه فيه، و الهجان البيض و هو أحسن البياض و أعتقه،
يقال: جمل هجان و ناقة هجان، و أوّل من تكلّم بهذا المثل عمرو بن عديّ ابن أخت
جذيمة و ذلك أنّ جذيمة خرج مبتديا بأهله و ولده في سنة مكلئة و ضربت له أبنية في
زهر و روضة فأقبل ولده يجتنون الكمأة فإذا أصاب بعضهم كمأة جيّدة أكلها و إذا
أصابها عمرو خبأها في حجزته، فأقبلوا يتعادون الى جذيمة و عمرو يقول و هو صغير:
هذا جناي و هجانه فيه
إذ
كلّ جان يده الى فيه
فضمّه جذيمة إليه و التزمه و سرّ بقوله و فعله و أمر أن يصاغ له طوق
فكان أوّل عربيّ طوّق و كان يقال له: عمرو ذو الطّوق و هو الّذي قيل فيه المثل
المشهور:
كبر عمرو عن الطّوق؛ و قد مرّ ذكره قبل.
و تقدير المثل: هذا ما أجتنيه، و لم آخذ لنفسي خير ما فيه، إذ كلّ
جان يده الى فيه؛ يأكله».