فقال معاوية: ما أمرته بذلك و لا هويت[1] فغضب بسر و رمى بسيفه و قال: قلّدتني هذا السّيف و قلت: اخبط به[2] النّاس حتّى إذا بلغت ما بلغت قلت: ما هويت و لا أمرت، فقال معاوية:
خذ سيفك؛ فلعمري انّك لعاجز حين تلقي سيفك بين يدي رجل من بني- عبد مناف و قد قتلت
ابنيه أمس، فقال عبيد اللَّه بن عبّاس[3]: أ تراني كنت قاتله
بهما؟-
أنفذ فسير بسر بن أرطاة الى الحجاز (الى أن قال):
قال: ثم اجتمع عبيد اللَّه بن العباس من بعد و بسر بن أرطاة عند
معاوية فقال معاوية لعبيد اللَّه:
أ تعرف هذا الشيخ قاتل الصبيين؟- فقال بسر: نعم؛ أنا قاتلهما فمه؟-
فقال عبيد اللَّه: لو أن لي سيفا، قال بسر: فهاك سيفي؛ و أومأ بيده الى سيفه فزبره
معاوية و انتهره و قال: اف لك من- شيخ ما أحمقك؟! تعمد الى رجل قد قتلت ابنيه
تعطيه سيفك كأنك لا تعرف أكباد بنى هاشم و اللَّه لو دفعته اليه لبدأ بك و ثنى بى،
فقال عبيد اللَّه: بلى و اللَّه كنت أبدأ بك ثم أثنى به».
أقول: قد أشرنا فيما سبق عند نقلنا صدر القصة هناك الى ذلك (انظر ص
613).
ثم ان الحديث مذكور أيضا في أمالى ابن الشيخ في الجزء الثالث نحو
ما في مجالس المفيد (ص 47 من طبعة تهران).
[1]في الأصل و البحار: «هونت» و في شرح النهج: «أحببت» و الصحيح ما في المتن ففي المصباح المنير: «الهوى مقصورا مصدر
هويت من باب تعب إذا أحببته و علقت به».
أقول: و من ذلك قول ابن أبى الحديد في عينيته المعروفة:
«ورأيت دين الاعتزال و اننى
أهوى
لأجلك كل من يتشيع»
أي أحبّ كل متشيع لكونه شيعة لك.
[2]في القاموس: «خبط القوم بسيفه
جلدهم» و في تاج العروس: «و هو مجاز من خبط الشجر كما في الأساس».
[3]في شرح النهج هكذا: «فقال له عبيد
اللَّه: أ تحسبني يا معاوية قاتلا بسرا بأحد ابني؟! هو أحقر و ألام من ذلك و لكنى
و اللَّه لا أرى لي مقنعا و لا أدرك ثارا الا أن أصيب بهما يزيد و عبد اللَّه،
فتبسم معاوية و قال: و ما ذنب معاوية و ابني معاوية؟ و اللَّه ما علمت، و لا أمرت،
و لا رضيت، و لا هويت. و احتملها منه لشرفه و سؤدده».