تعزبون، فإنّها غرور و صاحبها منها في غطاء معنى[1]و أفزعوا إلى قوام دينكم بإقامة الصّلاة لوقتها، و أداء الزّكاة
لحلّها، و التّضرّع إلى اللَّه و الخشوع له، و صلة الرّحم، و خوف المعاد، و إعطاء
السّائل، و إكرام الضّيف، و تعلّموا القرآن و اعملوا به، و اصدقوا الحديث و آثروه،
و أوفوا بالعهد إذا عاهدتم، و أدّوا الأمانة إذا ائتمنتم، و ارغبوا في ثواب اللَّه
و خافوا عقابه؛ فإنّي لم أر كالجنّة نام طالبها و لم أر كالنّار نام هاربها،
فتزوّدوا في الدّنيا من الدّنيا ما تحرزون به أنفسكم غدا من النّار، و اعملوا
بالخير تجزوا بالخير يوم يفوز أهل الخير بالخير.
عن القاسم بن الوليد[2] أنّ عبيد اللَّه بن
العبّاس و سعيد بن نمران قدما على عليّ عليه السّلام و كان عبيد اللَّه عامله على
صنعاء، و سعيد بن نمران عامله على الجند، خرجا هاربين من بسر بن أبي أرطاة و أصاب
ابني عبيد اللَّه بن العبّاس لم يدركا الحنث[3] فقتلهما.
قال:
و كان أمير المؤمنين عليه السّلام يجلس كلّ يوم في موضع من المسجد
الأعظم يسبّح فيه بعد الغداة إلى طلوع الشّمس، فلمّا طلعت الشّمس نهض إلى المنبر
فضرب بإصبعيه[4]على راحته و هو يقول:.
[1]كذا في الأصل و البحار، و أظن أن
الصحيح: «مغطى» بصيغة المفعول من غطا الشيء تغطية، فيكون
وصف غطاء بالمغطى للمبالغة من قبيل «يوم أيوم» و «ليل أليل».
[2]هذا الرجل لم أجده بهذا العنوان بين
أصحاب أمير المؤمنين (ع) في كتب الرجال نعم قد ذكر في كتب الفريقين «القاسم بن الوليد
الكوفي» من الطبقة السابعة و عد في كتب الشيعة من أصحاب الصادق (ع) فيكون الحديث
مرسلا لبعد طبقته و عدم إدراكه أمير المؤمنين (ع).
أما الحديث فنقله المجلسي (رحمه الله) في ثامن البحار في باب سائر
ما جرى من الفتن (ص 672؛ س 15).
[3]في النهاية: «من مات له ثلاثة من
الولد لم يبلغوا الحنث أي لم يبلغوا مبلغ الرجال و يجرى عليهم القلم فيكتب عليهم
الحنث و هو الإثم و قال الجوهري: «بلغ الغلام الحنث أي المعصية و الطاعة».
أقول: قد روى الرضى (رحمه الله) هذه الخطبة في نهج البلاغة كما
أشرنا الى ذلك في صدر قصة غارة بسر و نقلنا عبارة السيد عند ذكره الخطبة هناك الا
أن السيد (رحمه الله) قد جمع بين عبارتى الحديثين و أسقط بعض فقراتهما و زاد
عليهما أشياء قد أشرنا اليها في موارد مما سبق.