أوقع اللَّه ذلك المثل بكم و جعلكم أهله، كان بلدكم مهاجر النّبيّ
صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و منزله و فيه قبره و منازل الخلفاء من بعده، فلم
تشكروا نعمة ربّكم و لم ترعوا حقّ أئمّتكم[1] و قتل خليفة اللَّه بين أظهركم فكنتم بين قاتل و خاذل و شامت و
متربّص، ان كانت للمؤمنين قلتم: أ لم نكن معكم، و ان كان للكافرين نصيب قلتم: أ لم
نستحوذ عليكم و نمنعكم من المؤمنين[2] ثمّ شتم الأنصار فقال:
يا معاشر اليهود و أبناء العبيد بني زريق[3] و بني النّجّار و بني سالم و بني عبد الأشهل[4] أما و اللَّه لأوقعنّ بكم وقعة تشفي غليل صدور المؤمنين و آل عثمان،
أما و اللَّه لأدعنّكم أحاديث كالأمم السّالفة؛ فتهدّدهم حتّى خاف النّاس أن يوقع
بهم ففزعوا الى حويطب بن عبد العزّى[5] و يقال: انّه زوج أمّه
فصعد اليه المنبر فناشده و قال: عشيرتك و أنصار رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و
آله و ليسوا بقتلة عثمان فلم يزل به حتّى سكن فدعا النّاس الى بيعة معاوية
فبايعوا، و نزل بسر فأحرق دورا؛ أحرق دار[6] زرارة بن جرول أحد بني عمرو بن عوف[7]؛ و دار رفاعة بن رافع
[5]في الاصابة: «حويطب بن عبد العزى
بن أبى قيس بن عبد ودّ العامري أبو محمد أو أبو الأصبغ أسلم عام الفتح و شهد حنينا
و كان من المؤلفة، و جدد أنصاب الحرم في عهد عمر (الى أن قال) ثم قدم حويطب
المدينة فنزلها الى أن مات و باع داره بمكة من معاوية بأربعين ألف دينار فاستكثرها
بعض الناس فقال حويطب: و ما هي لمن عنده خمس من- العيال؟! (الى آخر ما قال)».
أقول: ترجمته موجودة في طبقات ابن سعد و خليفة بن الخياط و غيرهما.