فحصروهم ذلك اليوم الى العشيّ في دار ابن الحضرميّ و كان ابن خازم
معه فجاءت امّه [و هي سوداء حبشيّة اسمها] عجلي فنادته فأشرف عليها، فقالت: يا
بنيّ انزل إليّ، فأبى، فكشفت رأسها و أبدت قناعها و سألته النزول، فقالت: و اللَّه
لئن لم تنزل لأتعرين[1] و أهوت بيدها الى ثيابها، فلمّا رأى ذلك نزل فذهبت به[2]، و أحاط جارية [و زياد[3]] بالدّار و قال جارية: عليّ بالنّار فقالت الأزد: لسنا من الحريق
بالنّار في شيء و هم قومك و أنت أعلم، فحرّق جارية الدّار عليهم، فهلك ابن
الحضرميّ في سبعين رجلا أحدهم عبد الرّحمن بن [عمير بن[4]] عثمان القرشيّ ثمّ التّيميّ، و سمّى جارية منذ ذلك اليوم:
محرّقا، فلمّا أحرق ابن الحضرميّ [و سارت الأزد بزياد حتّى أوطنوه
قصر الامارة و معه بيت المال[5]] قالت له[6]: هل بقي علينا من جوارك شيء؟- قال: لا، قالوا: فبرئنا من جوارك؟-
قال: نعم، فانصرفوا عنه الى ديارهم، و استقام لزياد البصرة، و ارتحل ببيت المال
حتّى رجع الى القصر.
[2]في الكامل لابن الأثير (ج 3، ص 145): «و أقبل شريك بن
الأعور الحارثي فصار مع جارية فانهزم ابن الحضرميّ فتحصن بقصر سنبيل و معه ابن
خازم فأتته أمه عجلي و كانت حبشية فأمرته بالنزول، فأبى، فقالت: و اللَّه لتنزلن
أو لأنزعن ثيابي فنزل و نجا، و أحرق جارية القصر بمن فيه، فهلك ابن الحضرميّ و
سبعون رجلا معه و عاد زياد الى القصر، و كان قصر سنبيل لفارس قديما و صار لسنبيل
السعدي، و حوله خندق، و كان فيمن احترق دراع بن بدر أخو حارثة بن بدر فقال عمرو بن
العرندس:
رددنا زيادا الى داره
و
جار تميم دخانا ذهب
لحي
اللَّه قوما شووا جارهم
و
لم يدفعوا عنه حر اللهب»
ثم ذكر أربعة أبيات لجرير سننقلها عن الطبري ان شاء اللَّه تعالى.