كأن قد فارقوها،وَ لَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ[1]: أ للدّنيا[2]أرادوا، أم للّه عملوا؟! و أما ما ذكرت من بذل الأموال و اصطناع الرّجال
فإنّا لا يسعنا أن نؤتى امرأ من الفيء أكثر من حقّه و قد قال اللَّه و قوله الحقّ:كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ
فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ[3]؛و بعث محمّدا- صلّى اللَّه عليه
و آله و سلّم- وحده فكثّره بعد القلّة و أعزّ فئته بعد الذّلة، و إن يرد اللَّه أن
يولّينا[4]هذا الأمر يذلّل لنا صعبه[5]و يسهّل لنا حزنه[6]،و أنا قابل من رأيك ما كان للَّه
رضى، و أنت من آمن أصحابى و أوثقهم في نفسي و أنصحهم و أرآهم[7]عندي[8].
[1]من آية 13 سورة العنكبوت و تمامها:«وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَ
أَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ وَ لَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ».
[2]قال ابن هشام في المغنى تحت عنوان «اللام الزائدة» (ص 112 من طبعة
إيران بخط عبد الرحيم):
«واختلف في اللام من نحو:يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ،وَ أُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ
الْعالَمِينَ،و قول الشاعر:
أريد لانسى ذكرها فكأنما
تمثل لي ليلى بكل سبيل
فقيل: زائدة، و قيل: للتعليل، ثم اختلف هؤلاء فقيل: المفعول محذوف؛
أي يريد اللَّه التبيين ليبين لكم و يهديكم أي ليجمع لكم بين الأمرين، و أمرنا بما
أمرنا به لنسلم، و أريد- السلو لانسى، و قال الخليل و سيبويه و من تابعهما: الفعل في
ذلك مقدر بمصدر مرفوع بالابتداء و اللام و ما بعدها خبر أي ارادة اللَّه للتبيين، و
أمرنا للإسلام، و على هذا فلا مفعول للفعل».