فأعلم لي ما فعل؟ فانّه قلّ يوم لم يكن يأتيني فيه[1]الّا قبل هذه السّاعة، قال: فأتيت منزله فإذا ليس في منزله منهم ديّار،
فدرت[2]على أبواب دور اخرى كان فيها طائفة اخرى من أصحابه فإذا ليس فيها داع
و لا مجيب، فأقبلت الى عليّ عليه السّلام فقال لي حين رآني: أ أمنوا فقطنوا[3]أم جبنوا فظعنوا؟- قلت: بل ظعنوا، قال: أبعدهم اللَّه[4]كما بعدت ثمود، أما و اللَّه لو قد أشرعت لهم الأسنّة و صبّت على هامهم
السّيوف لقد ندموا، انّ الشّيطان قد استهواهم[5]فأضلّهم و هو غدا متبرّئ منهم و مخلّ عنهم.
فقام اليه زياد بن خصفة[6]فقال: يا أمير المؤمنين انّه لو لم يكن من مضرّة
خوف منه- عليه السّلام- فلما عاد اليه الرجل قال (ع) له: أ أمنوا فقطنوا
أم جبنوا فظعنوا؟- فقال الرجل: بل ظعنوا يا أمير المؤمنين، فقال (ع): بعدا لهم كما
بعدت ثمود، أما لو أشرعت الاسنة اليهم و صبت السيوف على هاماتهم لقد ندموا على ما كان
منهم ان الشيطان اليوم قد استفلهم و هو غدا متبرئ منهم و مخل عنهم، فحسبهم بخروجهم
من الهدى، و ارتكاسهم في الضلال و العمى، و صدهم عن الحق، و جماحهم في التيه».
[3]كذا في النهج، لكن في الأصل و شرح النهج: «أقطنوا
فأقاموا» و في الطبري:
«وطنوافأمنوا أم جبنوا فظعنوا».
[4]في الطبري: «فقلت:
بل ظعنوا فأعلنوا، فقال: قد فعلوها ..! بعدا لهم».
[5]في النهج: «ان
الشيطان اليوم قد استفلهم» و قال ابن أبى الحديد في- شرحه: «استفلهم
الشيطان وجدهم مفلولين فاستزلهم، هكذا فسروه، و يمكن عندي أن يريد أنه وجدهم فلا
خير فيهم، و الفل في الأصل الأرض لا نبات بها لأنها لم تمطر، قال حسان يصف بعض
القرى:
و ان التي بالجذع من بطن نخلة
و من دانها فل من الخير معزل
أي خال من الخير، و يروى «من
استفزهم» أي استخفهم».
[6]في تنقيح المقال: «زياد بن
خصفة التيمي من تيم اللَّه بطن من بكر من خلص