هؤلاء الّا فراقهم إيّانا لم يعظم فقدهم علينا فنأسى عليهم فانّهم قلّما
يزيدون في عددنا لو أقاموا معنا و لقلّما ينقصون من عددنا بخروجهم منّا و لكنّا نخاف
أن يفسدوا علينا جماعة كثيرة ممّن يقدمون عليهم من أهل طاعتك، فاذن لي في اتّباعهم
حتّى أردّهم عليك ان شاء اللَّه.
فقال له عليّ عليه السّلام: اخرج في آثارهم راشدا، فلمّا ذهب ليخرج
قال عليه السّلام له: و هل تدري أين توجّه القوم؟- فقال: لا و اللَّه و لكنّي أخرج
فأسأل و أتّبع الأثر، فقال له عليّ عليه السّلام: اخرج- رحمك اللَّه- حتّى تنزل دير
أبي موسى[1]ثمّ لا تبرحه حتّى يأتيك أمري فانّهم ان كانوا قد خرجوا ظاهرين بارزين
للنّاس في جماعة فانّ عمّالي ستكتب اليّ بذلك، و ان كانوا متفرّقين مستخفين فذلك أخفى
لهم، و سأكتب الى من حولي من عمّالي فيهم.
فكتب نسخة واحدة و أخرجها الى العمّال:
بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم، من عبد اللَّه عليّ أمير المؤمنين الى
من قرأ كتابي
أصحاب أمير المؤمنين عليه السّلام و الحسن (ع) بعده، أرسله على (ع)
لقتال الخريت بن راشد الناجي الخارجي بالمدائن فقاتله حتى طرده الى الأهواز و كان ذلك
قبل وقعة النهروان».
أقول: قوله (رحمه الله): «و
كان ذلك قبل وقعة النهروان» بمعزل عن الصواب.
[1]لم أجد ذكرا لهذا الدير «دير
أبى موسى» في مظانه من الكتب التي عندي الا ما
في كتاب صفين لنصر بن مزاحم (ص 150 من طبعة القاهرة سنة 1365):
«نصر- عمرو
بن خالد، عن أبى الحسين زيد بن على عن آبائه عن على عليه السّلام قال:خرج على و هو يريد صفين حتى إذا
قطع النهر أمر مناديه فنادى بالصلاة قال: فتقدم فصلى ركعتين حتى إذا قضى الصلاة أقبل
علينا فقال: يا أيها الناس ألا من كان مشيعا أو مقيما فليتم الصلاة فانا قوم على سفر،
و من صحبنا فلا يصم المفروض، و الصلاة [المفروضة] ركعتان،.
قال: ثم رجع الى حديث عمر بن سعد قال: ثم خرج حتى أتى دير أبى موسى
و هو من الكوفة على فرسخين، فصلى بها العصر (الى آخر ما قال)».