فأتاهم فقال[1]: ما بالكم عسكرتم و قد دخل النّاس في الطّاعة غيركم، فافترقوا ثلاث فرق،
فرقة قالوا: كنّا نصارى فأسلمنا و دخلنا فيما دخل فيه النّاس من الفتنة و نحن نبايع
كما بايع النّاس، فأمرهم فاعتزلوا، و فرقة قالوا: كنّا نصارى و لم نسلم فخرجنا مع القوم
الّذين كانوا خرجوا، قهرونا فأخرجونا كرها فخرجنا معهم فهزموا[2] فنحن ندخل فيما دخل فيه النّاس و نعطيكم الجزية كما أعطيناهم، فقال لهم
اعتزلوا، و فرقة قالوا: انّا كنّا نصارى فأسلمنا فلم يعجبنا الإسلام فرجعنا الى النّصرانيّة
فنحن نعطيكم الجزية كما أعطاكم النّصارى، فقال لهم: توبوا و ارجعوا الى الإسلام، فأبوا،
فقتل مقاتلتهم[3] و سبى ذراريهم فقدم بهم على عليّ عليه السّلام[4].
قال الطبري عند ذكره قصة بنى ناجية (ج 6، ص 73) ما نصه:
«فحدثنيعلى بن الحسن الأزدي قال: حدثنا عبد الرحمن بن سليمان، عن عبد الملك
بن سعيد بن حاب، عن الحر، عن عمار الدهني، قال: حدثني أبو الطفيل قال:كنت في الجيش الّذي بعثهم على
بن أبى طالب الى بنى ناجية فقال: فانتهينا اليهم فوجدناهم على ثلاث فرق فقال أميرنا
لفرقة منهم: ما أنتم؟- قالوا: نحن قوم نصارى لم نر دينا أفضل من ديننا فثبتنا عليه،
فقال لهم: اعتزلوا. و قال للفرقة الأخرى: ما أنتم؟- قالوا: نحن كنا نصارى فأسلمنا فثبتنا
على إسلامنا، فقال لهم: اعتزلوا. ثم قال للفرقة الأخرى الثالثة: ما أنتم؟- قالوا: نحن
قوم كنا نصارى فأسلمنا فلم نر دينا هو أفضل من ديننا الأول، فقال لهم: أسلموا، فأبوا،
فقال لأصحابه: إذا مسحت رأسي ثلاث مرات فشدوا عليهم، فاقتلوا المقاتلة و اسبوا الذرية،
فجيء بالذرية الى على، فجاء مصقلة بن هبيرة فاشتراهم بمائتي ألف فجاء بمائة ألف فلم
يقبلها على (رضي الله عنه) فانطلق بالدراهم و عمد اليهم مصقلة فأعتقهم و لحق بمعاوية،
فقيل لعلى: أ لا تأخذ الذرية؟- فقال: لا، فلم يعرض لهم».
[4]تم هنا ما نقله المجلسي (رحمه الله) من الكتاب قائلا
بعده: «و في بعضها:
أن الأمير من قبل على- عليه السّلام كان معقل بن قيس- و لما انقضى أمر
الحرب لم يقتل من المرتدين من بنى ناجية الا رجلا واحدا و رجع الباقون الى الإسلام
(الى آخر ما قال كما أشرنا اليه في صدر الحديث)».