فتولّى أبو بكر تلك الأمور فيسّر و شدّد[2]و قارب و اقتصد، فصحبته مناصحا و أطعته فيما أطاع اللَّه [فيه] جاهدا،
و ما طمعت ان لو حدث به حدث[3]و أنا حيّ أن يردّ الىّ الأمر الّذي نازعته فيه طمع مستيقن و لا يئست
منه يأس من لا يرجوه، و لو لا خاصّة ما كان بينه و بين عمر لظننت أنّه[4]لا يدفعها عنّي، فلمّا احتضر بعث الى عمر فولّاه فسمعنا و أطعنا و ناصحنا
و تولّى عمر الأمر و كان مرضيّ السّيرة[5]ميمون النّقيبة[6]حتّى إذا احتضر قلت في نفسي: لن يعدلها عنّي فجعلني سادس ستّة فما كانوا
لولاية أحد أشدّ كراهية منهم لولايتي عليهم، فكانوا يسمعوني عند وفاة الرّسول صلى اللَّه
عليه و آله أحاجّ أبا بكر[7]و أقول: يا معشر قريش انّا أهل البيت أحقّ بهذا الأمر منكم ما كان فينا
من يقرأ القرآن و يعرف السّنّة و يدين دين[8]الحقّ فخشي القوم ان أنا وليت عليهم أن لا يكون لهم في الأمر نصيب ما
بقوا، فأجمعوا إجماعا واحدا، فصرفوا الولاية الى عثمان و أخرجوني منها رجاء أن ينالوها
و يتداولوها إذ يئسوا
[5]قال المجلسي (رحمه الله): «قوله
(ع): فكان مرضى السيرة، أي ظاهرا عند الناس، و كذا ما مر في وصف أبى بكر، و آثار
التقية و المصلحة في الخطبة ظاهرة، بل الظاهر أنها من إلحاقات المخالفين».
في المسترشد:«وكان مرضى السيرة ميمون النقيبة عندهم».
(انظر ص 98 من المسترشد المطبوع بالنجف) و قال الجوهري في الصحاح: «أبو
عبيد: النقيبة النفس يقال: فلان ميمون النقيبة إذا كان مبارك النفس، قال ابن
السكيت: إذا كان ميمون الأمر ينجح فيما حاول و يظفر، و قال تغلب: إذا كان ميمون
المشورة» و في النهاية: «و في حديث مجدي بن عمرو: انه ميمون النقيبة أي منجح الفعال مظفر
المطالب، و النقيبة النفس، و قيل: الطبيعة و الخليقة».