و استقامت له مصر و أعمالها فبعث عليها عمّاله إلّا أنّ قرية منها قد
أعظم أهلها قتل[1] عثمان و بها رجل من بني كنانة يقال له: يزيد بن الحارث[2]، فبعث إلى قيس بن سعد:
ألا إنّا لا نأتيك فابعث عمّالك و الأرض أرضك و لكن أقرّنا على حالنا
حتّى ننظر إلى ما يصير أمر النّاس. قال: و وثب مسلمة بن مخلّد بن صامت الأنصاريّ[3] فنعى عثمان و دعي الى الطّلب بدمه فأرسل إليه قيس: ويحك أ عليّ تثب؟!
و اللَّه ما أحبّ أنّ لي ملك الشّام إلى مصر و انّى قتلتك [فاحقن دمك] فأرسل إليه
مسلمة أنّى كافّ عنك ما دمت أنت والى مصر.
قال: و كان قيس له حزم و رأى، فبعث إلى الّذين اعتزلوا أنّى لا أكرهكم
على البيعة و لكنّى أدعكم و أكفّ عنكم، فهادنهم و هادن مسلمة بن مخلّد، و جبى الخراج
و ليس أحد ينازعه.
قال: و خرج أمير المؤمنين عليّ- عليه السّلام- إلى الجمل و هو على مصر،
و رجع إلى الكوفة من البصرة و هو بمكانه، فكان أثقل خلق اللَّه على معاوية لقربه[4] من الشّام و مخافة أن يقبل اليه عليّ- عليه السّلام- بأهل العراق، و يقبل
اليه قيس بأهل مصر[5]
[1]في الأصل و الطبري: «قد أعظموا قتل»، فالاستعمال نظير
«و اسأل
القرية».
[2]في تأريخ الطبري هكذا: «رجل من كنانة ثم من بنى مدلج»
و الرجل لم نظفر بترجمته في مظانها.
[3]في تقريب التهذيب لابن حجر: «مسلمة بن مخلد بتشديد اللام الأنصاري
الزرقيّ صحابى صغير سكن مصر و وليها مرة، مات سنة اثنتين و ستين/ د» و في الاصابة ضمن
ترجمته المبسوطة: «و مخلد
أبوه بضم الميم و فتح الخاء المعجمة و تشديد اللام» و في تنقيح المقال: «ثم انهم عدوا من الصحابة جماعة
آخرين مسمين بمسلمة (الى أن قال): و مسلمة بن مخلد الخزرجي الساعدي و قيل: الزرقيّ،
و من سبقه مجاهيل، و هذا الأخير في غاية الضعف، لكونه من أصحاب معاوية بصفين و لم يكن
مع معاوية بصفين من الأنصار سواه و سوى النعمان بن بشير، و كونه ممن شهد قتل محمد بن
أبى بكر، و كونه عامل معاوية على مصر و المغرب. و توفى سنة اثنتين و الستين و قيل:
في آخر أيام معاوية».