بعدهما وال أحدث أحداثا فوجدت الأمّة عليه مقالا، فقالوا، ثمّ نقموا
عليه فغيّروا.
ثمّ جاءوني فبايعوني، فأستهدى اللَّه الهدى و أستعينه على التّقوى،
ألا و إنّ لكم علينا العمل بكتاب اللَّه و سنّة رسوله و القيام بحقّه و النّصح لكم
بالغيب، و اللَّه المستعان وحَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ.و قد بعثت إليكم قيس بن سعد [الأنصاريّ]
أميرا فوازروه و أعينوه على الحقّ، و قد أمرته بالإحسان إلى محسنكم و الشّدّة على مريبكم
و الرّفق بعوامّكم و خواصّكم، و هو ممّن أرضى هديه[1]و أرجو صلاحه و نصيحته، نسأل اللَّه لنا و لكم عملا زاكيا، و ثوابا
جزيلا، و رحمة واسعة، و السّلام عليكم و رحمة اللَّه و بركاته.
و كتب عبيد اللَّه بن أبى رافع في صفر سنة ستّ و ثلاثين.
و قال: لمّا فرغ من قراءة الكتاب قام قيس بن سعد خطيبا فحمد اللَّه و
أثنى عليه و قال: الحمد للَّه الّذي أمات الباطل و أحيى الحقّ[2] و كبت الظّالمين، أيّها النّاس إنّا بايعنا خير من نعلم بعد نبيّنا- صلّى
اللَّه عليه و آله و سلّم- فقوموا فبايعوا على كتاب اللَّه و سنّة نبيّه، فإن نحن لم
نعمل فيكم بكتاب اللَّه و سنّة رسوله فلا بيعة لنا عليكم، فقام النّاس فبايعوا،
[1]في النهاية: «و فيه: الهدى الصالح و السمت الصالح
جزء من خمسة و عشرين جزءا من النبوة، الهدى السيرة و الهيئة و الطريقة، و معنى الحديث
أن هذه الخلال من شمائل الأنبياء و من جملة خصالهم و أنها جزء معلوم من أجزاء أفعالهم
و ليس المعنى أن النبوة تتجزأ و لا أن من جمع هذه الخلال كان فيه جزء من النبوة فان
النبوة غير مكتسبة و لا مجتلبة بالأسباب و انما هي كرامة من اللَّه تعالى، و يجوز أن
يكون أراد بالنّبوّة ما جاءت به النبوة و دعت اليه، و تخصيص هذا العدد مما يستأثر النبي
بمعرفته، و منه الحديث: اهدوا هدى عمار أي سيروا بسيرته و تهيأوا بهيئته، يقال: هدى
هدى فلان إذا سار بسيرته، و منه حديث ابن مسعود: ان أحسن الهدى هدى محمد، و الحديث
الأخر: كنا ننظر الى هديه و دله، و قد تكرر في الحديث».
و في مجمع البحرين: «و الهدى كتمر الهيئة و السيرة و الطريقة، و منه قوله:
هدى هدى فلان، و
في حديث على (ع):كنت أشبههم برسول اللَّه هديا،.
و مثله: و رغبوا عن هدى رسول اللَّه (ص)، و فلان حسن السمت و الهدى
كأنه يشير بالسمت الى ما يرى على الإنسان من الخشوع و التواضع للَّه، و بالهدى الى
ما يتحلى به من السكينة و الوقار، و الى ما يسلكه من المذهب المرضى، و في الخبر: الهدى
الصالح و السمت الصالح جزء من خمسة و عشرين جزءا من النبوة».
[2]في شرح النهج و البحار: «الّذي جاء بالحق و أمات الباطل».