ثمّ أتى سوق الكرابيس فإذا هو برجل وسيم فقال: يا هذا عندك ثوبان بخمسة
دراهم؟ فوثب الرّجل فقال: نعم يا أمير المؤمنين؛ فلمّا عرفه مضى عنه و تركه، فوقف على
غلام فقال له: يا غلام عندك ثوبان بخمسة دراهم؟ قال: نعم عندي ثوبان؛ أحدهما أخير[1]من الآخر؛ واحد بثلاثة و الآخر بدرهمين، قال: هلمّهما، فقال: يا قنبر
خذ الّذي بثلاثة، قال: أنت أولى به يا أمير المؤمنين؛ تصعد المنبر و تخطب النّاس، فقال:
يا قنبر أنت شابّ و لك شرّة الشّباب[2]و أنا أستحيي من ربّي أن أتفضّل عليك لأنّي سمعت رسول اللَّه- صلّى
اللَّه عليه و آله و سلّم- يقول: ألبسوهم ممّا تلبسون و أطعموهم ممّا تأكلون، ثمّ لبس
القميص و مدّ يده في ردنه[3]فإذا هو يفضل عن أصابعه فقال: يا غلام اقطع هذا الفضل فقطعه، فقال الغلام:
هلمّه أكفّه[4]يا شيخ، فقال: دعه كما هو فانّ الأمر أسرع من ذلك[5].
[2]في الصحاح: «شرة الشباب حرصه و نشاطه» و في
مجمع البحرين: «و شرة-
الشباب هي بكسر شين و تشديد راء الحرص على الشيء و النشاط له و الرغبة فيه و منه الخبر:
لكل شيء شرة، و لكل شيء قرة».
[3]في مجمع البحرين: «الردن بالضم أصل الكم، و منه:
قميص واسع الردن».
[4]قال الفيومى: «كف الخياط الثوب كفا خاطه الخياطة
الثانية» و في القاموس: «كف الثوب كفا خاط حاشيته و هو الخياطة الثانية بعد الشل».
[5]نقله المجلسي (رحمه الله) في المجلد الثالث و العشرين
من البحار في باب آداب التجارة (ص 25؛ س 7)، و المحدث النوري (رحمه الله) في المستدرك
مقطعا ففي كتاب التجارة في باب كراهة الحلف على البيع و الشراء (ج 2؛ ص 467) و في كتاب
الصلاة في باب استحباب التواضع في الملابس (ص 210؛ ص 18) و في باب استحباب تقصير الثوب
(ص 210؛ س 31) و في باب استحباب قطع الرجل ما زاد من الكم (ص 211؛ س 11).
و نقله الخوارزمي في المناقب في الفصل العاشر الّذي في بيان زهده عليه
السّلام، و بما أن فيه زيادات مفيدة لها ربط بالمقام ننقله بعبارته في تعليقات آخر
الكتاب ان شاء اللَّه تعالى.