قد استفيد ممّا تقدّم في ترجمة الثّقفيّ أنّ أهل أصفهان كانوا في ذلك
الزّمان من أشدّ النّاس بغضا للشّيعة و أكثرهم عداوة لأهل بيت النّبيّ صلّى اللَّه
عليه و آله و من ثمّ قالت جماعة من علماء الرّجال بعد نقل ترجمة الثّقفيّ: «فيها ما يدلّ على أحوال أهل
أصفهان في ذلك الزّمان» فالأولى أن نشير هنا الى شيء ممّا يدلّ على ذلك فنقول:
قال المجلسيّ (رحمه الله) في تاسع البحار في باب «معجزات كلامه عليه السّلام من
اخباره بالغائبات و علمه باللّغات» ما نصّه (انظر ص 582 من طبعة أمين الضّرب):
«يج» [أي
في كتاب الخرائج و الجرائح للشّيخ الامام قطب الدّين أبي الحسن
سعيد بن هبة اللَّه بن الحسن الرّاونديّ قدّس اللَّه روحه] روي عن ابن مسعود قال:كنت قاعدا عند أمير
المؤمنين عليه السّلام في مسجد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم إذ نادى
رجل من يدلّني على من آخذ منه علما؟ و مرّ، فقلت: يا هذا هل سمعت قول النّبيّ صلّى
اللَّه عليه و آله و سلّم:
أنا مدينة العلم و عليّ بابها؟- فقال: نعم، قلت: فأين تذهب و هذا
عليّ بن أبي طالب؟! فانصرف الرّجل و جثا بين يديه فقال عليه السّلام: من أيّ
البلاد أنت؟- قال: من أصفهان، قال له: اكتب: أملى عليّ بن أبي طالب انّ أهل أصفهان
لا يكون فيهم خمس خصال السّخاوة و الشّجاعة و الأمانة و الغيرة و حبّنا أهل البيت،
قال: زدني يا أمير المؤمنين قال عليه السّلام بلسان [أهل] أصبهان: اروت اين وس،
أي اليوم حسبك هذا.
بيان- كان أهل أصفهان في ذلك الزّمان الى أوّل استيلاء الدّولة
القاهرة الصّفويّة- أدام اللَّه بركاتهم- من أشدّ النّواصب، و الحمد للَّه الّذي
جعلهم أشدّ النّاس حبّا لأهل البيت عليه السّلام- و أطوعهم لأمرهم و أوعاهم لعلمهم
و أشدّهم انتظارا لفرجهم حتّى أنّه لا يكاد يوجد من يتّهم بالخلاف في البلد و لا
في شيء من قراه القريبة أو البعيدة، و ببركة ذلك تبدّلت الخصال الأربع أيضا فيهم،
رزقنا اللَّه و سائر أهل هذه البلاد نصر قائم آل محمّد صلّى اللَّه عليه و آله و
سلّم و الشّهادة تحت لوائه، و حشرنا معهم في الدّنيا و الآخرة».