نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 7 صفحه : 108
تشترك فيه الكثرة، و يجتمع عنده الأعداد في الوحدة، و يضمحلّ فيه
التخالف و التضادّ، و يتصالح عليه الآحاد، و مثل هذا الأمر لا تدركه الروح
الإنسانيّة ما لم تتجرد عن مقام الخلق و لم ينفض عنها الحواسّ و لم ترتق إلى مقام
الأمر متّصلة بالملإ الأعلى، إذ ليس من شأن المعقول من حيث هو معقول أن يحسّ كما
ليس من شأن المحسوس من حيث هو محسوس أن يعقل. و لن يستتمّ الإدراك العقليّ بآلة
جسمانيّة، فإنّ المتصور فيها مخصوص مقيّد بوضع و مكان و زمان، و الحقيقة الجامعة
العقليّة لا تتقرّر في منقسم مشار إليه بالحسّ، بل الروح الإنسانيّة يتلقّى
المعقولات بجوهر عقليّ من حيّز عالم الأمر، ليس بمتحيّز في جسم و لا متمكّن في حسّ
و لا داخل في وهم.
ثمّ لمّا كان الحسّ تصرفه فيما هو من عالم الخلق، و العقل تصرفه فيما
هو من عالم الأمر، فما هو فوق الخلق و الأمر فهو محتجب عن الحسّ و العقل جميعا، و
لا شكّ أنّ كلام اللّه من حيث هو كلامه قبل نزوله إلى عالم الأمر- و هو اللوح
المحفوظ- و قبل نزوله إلى عالم السماء- و هو لوح المحو و الإثبات و عالم الخلق- له
مرتبة فوق مرتبة الخلق و الآمر جميعا، فلا يتلقيه و لا يدركه أحد من الأنبياء إلّا
في مقام الوحدة الإلهية عند تجرّده عن الكونين- الدنيا و الآخرة- و عروجه و خرقه
العالمين- الخلق و الأمر-. كما
قال أفضل الأنبياء:
«لي مع اللّه وقت لا يسعني فيه ملك مقرّب،
و لا نبيّ مرسل».
فإذا تقرّر هذا ثبت إنّ للقرآن منازل و مراتب، كما للإنسان درجات و
معارج. فلا بدّ لمسّ القرآن في كلّ مرتبة و درجة من طهارة و تجرّد عن بعض العلائق،
فالضمير فيلا
يَمَسُّهُ إن كان عائدا
إلى المصحف الذي بأيدي
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 7 صفحه : 108