نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 5 صفحه : 155
يرتقى بكل منها من عالم الى عالم، و من نشأة الى نشأة اخرى، حتى بلغ
الغاية القصوى و يرجع الى ربه الأعلى، بعد استنارته بنوره القدسي- رجوع النار
الكامن في الحطب بعد حصولها بالنفخات، و اشتعالها الى نار عظيمة هي فوق هذا العالم
الأدنى.
فالعالم بمنزلة شجرة ثمرتها «الإنسان»، و الإنسان كشجرة ثمرتها «العقل النظري»، و هو «كلمة طيبة» أصلها ثابت و فرعها في السماء، و هو أيضا
كشجرة ثمرتها «العقل الفعال» و «الروح القدسي»، الذي يكاد زيتها يضيء و لو لم تمسسه
نار، و هذا الروح القدسي كشجرة ثمرتها «لقاء اللّه الواحد القهار» يهدى اللّه لنوره من يشاء
من عباده، فارتقى نور العبد الى نور الرب بعد أن هبط منه و حصل بنفخه في مكامن
الكون.
فإذا علمت هذا فاعلم أن وحدة النفخ و كثرته، باعتبار وحدة المتعلق به
و كثرته، و لما كان لمجموع النفوس و الأرواح- بل لجميع العالم- وحدة بها يكون
الجميع أمرا واحدا- كما ثبت في مقامه- فتكون النفخات المتعلقة بها نفخة واحدة.
و أيضا قد ثبت و تحقق و انكشف و تنور أن التعاقب و التجدد و التكثر و
التعدد الواقعين في هذا العالم بحسب الحضور و الغيبة في المكانيات، و المضي و
الحالية في الزمانيات انما يكونان بالقياس الى الموجودات الواقعة في هذا العالم،
لتقيد (ليعتد- ن) وجود كل منها بمادة مخصوصة و انحصاره في زمان معين، و أما
بالقياس الى العوالي و الشواهق العقلية و النفسية و ما هو فوق الإمكان و وراء
الحدوث فالمتغيّرات الزمانية كلها كآن واحد، و المختلفات المكانية كلها كنقطة
واحدة، فعلى هذا كون النفخات الكثيرة حسب كثرة المواد
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 5 صفحه : 155