نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 4 صفحه : 360
المظهر لغيره» و دريت مما ذكرناه أن حقيقة النور مما لا يظهر لأحد
إلا بالمشاهدة الحضورية، دون حصول صورة منها في الذهن، لأن كل صورة ذهنيّة فهي
تكون كلية أبدا- و لو تخصّصت بألف مخصّص- فيكون مبهما، و المبهم لا يكون متعيّنا
ظاهرا في نفسه، و على فرض تخصّصه يحتاج في ظهوره و تعيّنه إلى ذلك المخصّص، فلا
يكون ظهوره عين ذاته، فلا يكون ظاهرا بذاته مظهرا لغيره- هذا خلف.
و أيضا كل ما هو غير النور فهو خفيّ في ذاته، مظلم في جوهره، ظاهر
بالنور مستضيء به، فكيف يكون هو مظهرا للنور و معرّفا كاشفا له؟
فتيقّن أن اللّه تعالى هو ظاهر بذاته إذ ذاته عين ظهور ذاته لذاته، و
عين ظهور جميع الأشياء له، كما أنه مظهرها من مكمن الخفاء و موجدها من كتم العدم
إلى عالم الوجود، فبذاته النيّرة يتنور غسق الماهيات المظلمة الذوات و ينتشر به
النور في أهوية الهويات، و تطلع شمس عظمته على آفاق حقائق الممكنات و يطرد العدم و
الظلمة عن إقليم المعاني و المعقولات، فلو لم يكن طلوع ذاته النيّرة في آفاق
هويّات الممكنات، و إشراق نوره على السموات و الأرض و ما فيهما لم يكن لذرّة من
الذرات وجود، و لا لأحد من الموجودات حصول- لا في العقل و لا في العين-.
و
في الحديث النبوي[1]المصطفوي-
على قائله و آله أكرم كرائم تسليمات اللّه-: «إناللّه
تعالى خلق الخلق في ظلمة ثم رشّ عليهم من نوره»
و بهذا في الحقيقة ينكشف معنى قوله سبحانه:يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ [32/ 5] و قوله:أَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ [9/ 78] فإن التدبير من اللّه
عين إشراق