[2] فكونوا معهم خالدين في النار وَ ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [16/ 33].
و في هذا المقام تحقيقات نفيسة ذهل عنها الأكثرون، إلا من أيّده اللّه
بنور منه، و لا يمكنني أن أجود بذكرها مفصلا للراغبين و أسمح بالكشف عنها للطالبين
لابتنائها على علوم جمّة و مقدمات كثيرة بعضها برهانيّة و بعضها كشفيّة، يطول الكلام
بذكرها و يخرج به عن أسلوب التفسير على طور أهل الدقّة من الجماهير، مع أن التعمّق
في الكشف عن الأسرار غير ملائم لطبائع أصحاب الأنظار، لكن مع ذلك لا ينبغي الإهمال
عنها بالكليّة، بل لا بد أن أذكر اجمالا منه لكونه مما يتوقف عليه معنى الآية على حسب
ما اخترناه.
و أصل المسألة صيرورة أرواح الكفار و ما يحذو حذوها بكثرة الانكباب إلى
اللذات من نوع ما يحبّونه و يتشبّهون به من الدوّاب و الأنعام- بالحقيقة لا بالمجاز
.. بعد ما كانوا من سنخ الإنسان في أول الأمر، فهم قد مسخوا قردة و خنازير باطنا و
سرا، و إن كانوا في صورة الإنسان ظاهرا، و تلخيص بيانه على الوجه العقلي محافظا للقانون
الحكمي حسب ما شرحناه و فصّلناه في مسفوراتنا هو مما أذكره الآن، فاستمع لما يتلى عليك
من البيان.
[1] ابى داود: كتاب اللباس، باب 4: 4/ 44. المسند: 2/ 50 عن النبي
(ص)