نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 4 صفحه : 250
الفعل، كقوله تعالى حكاية عن دعاء خليله على نبينا و عليه السلام: وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ
أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ [14/ 36] فالناس بواسطة
محبتهم و عبادتهم ضلّوا عن سبيل اللّه لا بإضلالهن، و كذلك الكفار بتوليتهم الطاغوت
اخرجوا من النور.
المطلع الرابع في معنى «النور» هاهنا
اعلم أن معنى «النور» في هذا الموضع غير معناه الذي قد مرّ، فإن معنى
الآية: يخرجونهم من نور الروحانيّة و الايمان الفطريّ- المشار إليه
بقوله صلى اللّه عليه و آله[1]: «كلّ مولود يولد على الفطرة»
أي: فطرة الإسلام- إلى ظلمات الصفات النفسانية و البهيمية و السبعية،
ظلمات بعضها فوق بعض و دركات بعضها تحت بعض، إلى أن تكدّرت الأرواح و أظلمت بهذه الصفات
و تخلّقت بأخلاق النفوس الأرضية و اتّصفت بصفاتها.
فكما أن النفوس إذا تنوّرت بنور الايمان و المعارف و الأخلاق الروحانية،
و علت إلى عالم الأرواح و أعلى عليّين القرب، مع كونها سفلية، فبإكسير طاعة الشرع و
المجاهدات الدينية تصير بصفة العلويات و تطير بأجنحة الروحانيين، و تدعى بنداء يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ
راضِيَةً مَرْضِيَّةً فكذلك الأرواح العلوية لما اتّصفت بصفات
النفس الأمّارة و انقلبت جوهرها النورانية بإكسير الطبع الحيواني ظلمانيّة، أمرت بالهبوط
إلى أسفل سافلين البعد و الطرد، دليله قوله تعالى:
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ