فهذه الوجود لا بدّ منها في حصول الايمان بالملائكة، فكلّما كان غوص
العقل في هذه المراتب أشدّ كان إيمانه بالملائكة أتمّ، و أكثر الخلق معرضون عنه مع
دعواهم الايمان.
و أما الايمان بالكتب فلا بدّ فيه من امور أربعة:
أولها أن يعلم أن هذه الكتب وحي من اللّه تعالى إلى رسوله، و أنها
ليست من باب الكهانة و إلقاء الشياطين و الأرواح الخبيثة، و لا من باب السحر، و
الفرق بين هذه الأمور خاف عن (على- ن) الجمهور.
و ثانيها أن يعلم أن الوحي و إن كان بواسطة الملائكة المقدّسين فإن
اللّه لم يمكّن أحدا من الشياطين من إلقاء شيء من ضلالاتهم في أثناء هذا الوحي
الظاهر، و عند ذلك يعلم أن من قال: إن الشيطان ألقى قوله: «تلك الغرانيق العلى» في أثناء الوحي[1] فقد قال قولا عظيما، و طرق الطعن و
التهمة إلى القرآن.
و ثالثها أن يعلم أن هذا القرآن لم يتغيّر و لم يحرّف، و دخل فيه
فساد قول من قال: «إن ترتيب هذا القرآن على هذا الوجه شيء فعله
عثمان» فإن من قال به أخرج القرآن عن كونه حجّة.
و رابعها أن القرآن مشتمل على محكم و متشابه، و أن محكمه يكشف عن
متشابهه.