نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 4 صفحه : 200
الرشحة الثالثة في تحقيق معنى «التبيّن»
في
هذا المقام
اعلم أن معنى
«تَبَيَّنَالرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ» تميّز الحق من الباطل، و الايمان من الكفر بحسب
الواقع و بما يلزم من الحجج و البيّنات الدالّة و البراهين الواضحة عند من نظر و
تدبّر في تلك الأدلة و البراهين، لا أن كل مكلّف تنبه به، لأن ذلك خلاف ما هو
المعلوم من حال أكثرهم، لأنهم إما جهّال محضة و إما مقلّدون- و المقلّد كالجاهل في
عدم كونه عارفا بصيرا، و يمتاز عنه في كونه معتقدا، و درجة المعرفة فوق الاعتقاد،
لأنها ممّا يحصل معها الانشراح الباطني و المشاهدة المعنويّة دون اعتقاد المقلّد،
إذ لا انشراح و لا اطمينان معه للقلب، و إنما الفائدة فيه مجرد الاتّباع للقائد
العارف في صورة الأعمال الشرعيّة و الأوضاع الدينيّة، الموجبة لرياضة القوى
البدنيّة، و تطويع النفس الأمّارة لئلا تصول على النفس المطمئنّة.
و بذلك يحصل للنفس الإنساني الامتياز عن سائر النفوس الحيوانية التي
لا معاد لها في الآخرة، و عن النفوس الشقيّة المتمرّدة عن طاعة الشريعة التي لها
العقوبة الاخرويّة، و ذلك لأن الاقتداء بأهل الكمال- و لو في صورة الأعمال- مع
خلوّ النفس عن رذائل الأوصاف و قبائح الأعمال، و سذاجة القلب عمّا يضادّ و نيل
الرحمة من المبدإ الفعال مع صدق النيّة و صفاء الطويّة: يوجب أن ينال المقتدي
نصيبا من السعادة الاخرويّة و اللذات الآجليّة التي للعارفين و أن يتنوّر ذاته
بنور المتابعة لهم و الانخراط في سلكهم، و الاستسعاد بسعادتهم على نهج التبعيّة و
العرض- لا على وجه الاستقلال- إذ السعادة الحقيقيّة
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 4 صفحه : 200