هذا هو آخر درجات النزول لآدم عليه السّلام من عالم القدس و دار
الكرامة، و ذلك إنّ آدم عليه السّلام لما كان مستصلحا لعمارة الدارين 13، و أراد اللّه بحكمته الكاملة منه عمارة الدنيا
كما أراد منه عمارة الآخرة و الجنّة، كوّنه من التراب تكوينا، و ركبّه تركيبا
يناسب عالم الحكمة و الشهادة، و هي هذه الدار الدنيا.
و ما كانت عمارة الدنيا يتأتّي منه و هو غير مخلوق من أجزاء أرضيّة
سفليّة 14 بحسب قانون
الحكمة، فمن التراب كوّنه، و أربعين صباحا خمّر طينته- كما ورد في الحديث القدسي [1]- ليبعد بالتخمير أربعين
صباحا أربعين حجابا 15 من الحضرة
الإلهيّة، كلّ حجاب هو معنى مودع فيه يصلح لعمارة الدنيا، و يتعوّق به عن الحضرة
الإلهية و مواطن القرب. إذ لو لم يخرج عنها 16 و لم يتنزّل إلى الدنيا لم يصلح لعمارة الدارين جميعا و
لخلافة اللّه في أرضه، ثمّ لأن يكون زينة للعالم الأعلى و ملكا في
[1] جاء الحديث في احياء علوم الدين (4/ 277) و قال العراقي في
تخريجه:
«رواه
ابو
منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن مسعود و سلمان الفارسي بإسناد ضعيف
جدا».
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 96