و اعلم إنّ الايمان الحقيقي صورة في نفس المؤمن أحكم و أتقن من صورة
الشمس و القمر، و صورة سائر الأجرام الفلكيّة. بل لا نسبة في الإحكام بين صورة
المؤمن و صورة تلك الأجرام العظيمة الراسخة الشامخة، لأنّ صورتها زائلة منكسفة
النور يوم القيامة، واهية يومئذ. و صورة المؤمن قائمة عند ربّه مشرقة ضاحكة
مستبشرة أبد الآبدين و دهر الداهرين.
ثمّ القائلون بهذا القول اختلفوا في تفسير قوله:وَ كانَ فمنهم من قال:
و كان في علم اللّه من الكافرين أي كان اللّه عالما في الأزل إنّه
سيكفر. فصيغة «كان» باعتبار العلم، لا باعتبار المعلوم.
و منهم من قال: إنّه بعد مضى كفره صدق عليه إنّه كان من الكافرين في
ذلك الوقت، و متى صدق المقيّد، صدق المطلق لأنّه جزء المقيّد، فصدق عليه إنّه كان
من الكافرين.
و منهم من قال: المراد من «كان» معنى «صار» أي: صار بعد إبائه عن الإتيان بالسجدة لآدم من
الكافرين.
فصل [إبليس أوّل من كفر]
إنّ كلمة «من» في قوله:مِنَ الْكافِرِينَ
للتبعيض،
فظاهر الكلام يدلّ على وجود قوم آخرين من الكافرين قبل إبليس في ذلك الوقت، و لهذا
وقع الاختلاف في ذلك.
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 75