نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 51
أقول: فيه ما مرّ مرارا.
و ثانيها إنّ آدم عليه السلام كان أعلم، و الأعلم أفضل- و قد مرّ
بيانه.
و أجيب بعدم تسليمه [ظ: تسليم] كونه أعلم منهم، غاية الأمر إنّه كان
عالما بتلك اللغات، و هم ما علموها، و لعلّهم كانوا عالمين بسائر الأشياء مع إنّه
لم يكن عالما بها.
سلّمنا إنّه كان أعلم منهم- و لكن لم لا يجوز أن يقال إنّ طاعتهم
أكثر إخلاصا من طاعة آدم عليه السّلام، فلا جرم كان ثوابهم أكثر.
أقول: قد مرّ إنّ القول منشأه الجهل بمعنى الثواب و المنزلة عند
اللّه، فإنّ جميع الخيرات و العبادات إذا لم يؤثر في تنوير القلب و إعداده لنور المعرفة
باللّه و آياته و أفعاله، فهي من تفاريع العبث و شعب الرفث.
و ثالثها إن اللّه تعالى جعل آدم عليه السّلام خليفة في الأرض، و
المراد منه الولاية، لقوله تعالى:يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ
بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ
[38/ 26] و معلوم إن أعلى الناس منصبا عند الملك من كان قائما مقامه في
الولاية و التصرف و خليفة له فدلّ هذا على أنّ آدم أشرف الخلائق.
و هذا متأكّد بقوله: و سخّر لكم ما في البر و البحر [1]، ثم اكّد هذا التعميم بقوله:خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ
جَمِيعاً [2/ 29] فبلغ آدم في
منصب الخلافة في [2] أعلى الدرجات.
فالدنيا خلقت متعة لبقائه، و الآخرة مملكة لجزائه، و صارت الشياطين
[1] الظاهر إنه يشير إلى قوله تعالى «اللّه
الذي
سخّر لكم البحر ...» [45/ 12] و: «سخّر لكم ما في الأرض» [23/ 65].