نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 5
]معنى السجدة و سبب مسجوديّة آدم]
و السجود في الأصل تذلّل و انقياد مع تطأطأ الرأس. يقال: سجد البعير
و أسجد: طأطأ رأسه لراكبه. قال الشاعر
[1]:
«و قلن له أسجد لليلى فأسجدا»
و قال:
«ترى الاكم فيها سجّدا
للحوافر»
اي تلك الجبال الصغار كانت مذلّلة لحوافر الخيل، و منه قوله تعالى:وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدانِ [55/ 6].
و في الشرع وضع الجبهة على الأرض قصدا للعبادة.
و المراد منه هاهنا إمّا المعنى اللغوي، و هو التواضع لآدم تحيّة و
تعظيما له كسجود إخوة يوسف و أبواه له، أو التذلّل و الانقياد بالسعي في تحصيل ما
ينوط به أمور معاشهم و يتمّ به أحوال كمالهم بحسب معادهم، لأنّهم وسائط تدبيرات
هذا العالم، و تحريكات الأجرام و استحالاتها و انقلاباتها لأن يتكوّن منها
الكائنات التي غايتها خلقة الإنسان، لأنّ من أفراده عرفاء الرحمن.
و إمّا المعنى الشرعي: فهيهنا يحتمل السجود وجوها ثلاثة:
إمّا أن يكون المسجود له هو اللّه تعالى.
فحينئذ إمّا أن جعل آدم قبلة لسجودهم كالكعبة تفخيما لشأنه.
و إمّا أن كان آدم سببا لوجوب السجدة، فكأنّه تعالى لمّا خلقه بحيث
أن كان أنموذجا للمبدعات كلّها- بل للموجودات بأسرها- و جعله نسخة مختصرة لما في
العالم الروحاني و العالم الجسماني، و ذريعة للملائكة إلى استيفاء ما قدّر لهم من
الكمالات الفعليّة، و فاض عليهم من الإشراقات النوريّة من جهة تحريكاتهم الكليّة،
و وصلة إلى ظهور ما صدر عنهم من الخيرات و ترتّب عليهم من وجود الأكوان الصوريّة و
الحوادث الأرضيّة بواسطة الحركات السماويّة، فأمروا بالسجود تذلّلا
[1] قال أبو عبيد: «و أنشدني أعرابي من بني أسد: و قلن ...» تهذيب اللغة. 1/ 569.
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 5