نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 466
لثبوت غيره، و هو يقتضي انتفاء في نفسه- لا عدم الانتفاء به مع
ثبوته. فكلام الكعبي ساقط».
و الذي به ينحلّ الإشكال أن يقال: إنّ اللّه فعله من قبله غير مختلف.
فالخير نازل من عنده، و الجود مبذول، و الرحمة واحدة بالنسبة إلى
الخلق أجمعين لا تبديل لسنّة اللّه. و لكن الوصول مختلف، لاختلاف الغرائز و الفطر
لطافة و كثافة، وسعة و ضيقا. كالمعلّم يفيد تعليما واحدا و يختلف غرائز المتعلّمين
في قبول ذلك العلم، لتفاوت غرائزهم في الذكاء و البلادة، و الاستقامة و الاعوجاج،
و الشمس شأنها في التنوير واحد، و مواضع الأرض مختلفة في قبول الضوء.
ففعل اللّه و لطفه في المؤمن كفعله و لطفه في الكافر. لكن قلب المؤمن
أبيض و أجرد، و قلب الكافر أسود و أكدر. و لفظ الجود و اللطف و الكرم- و ما يجري
مجراها- قد يراد بها ما عند الفاعل، و قد يراد بها ما عند القابل، و الذي عند
الفاعل واحد لا يختلف. و الذي عند القوابل مختلفة.
فمن قال: «إنّ لطف اللّه شامل للمؤمن و الكافر» أراد به أنه
تعالى لا يمسك من جوده و لطفه على أحد. و لم يرد «ان لطفه و اصل حاصل عند الكافر، و مع ذلك لا ينتفع
به». لأن ذلك محال، كما أن يقال: «انّ ضوء الشمس موجود في سطح من الأرض، و لكن ليس
بمستضيء» أو «أثر حرارة النار موجود في جسم كذا، و لكن ليس
بمستسخن». و لا شكّ في بطلانه. فكذا ما نحن فيه.
فعلم ان الخير مبذول، و الرحمة فائضة، و اللطف شامل. ألا ترى إلى
قوله تعالى مخاطبا لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله:إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ
[28/ 56] مع أنّ شأنه الهدايةفَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ
الدُّعاءَ [30/ 52] انّك لا تسمع
من في القبور [1]- مع انّ شأنه
الإسماع.
[1] يشير إلى قوله تعالى: و ما أنت بسمع من في القبور (35/
22).
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 466