هذا هو النعمة الثانية من اللّه على بني إسرائيل، المذكورة في هذا
الموضع.
قوله:فَرَقْنا أي فلقناه و فصّلنا بين أبعاضه حتّى حصلت فيه
مسالك لكم إذ الفرق هو الفصل بين شيئين إذا كانت بينهما فرجة، و الفرق: الطائفة من
كلّ شيء و من الماء إذا تفّرق بعضه عن بعض، فكلّ طائفة من ذلك فرق. و منه قوله
[تعالى]:
فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ
[26/ 63] و قرئ إذ فرّقنا- بالتشديد- قال ابن جني: فرّقنا أشدّ تفريقا من
فرقنا. فمعناه: شققنا بكم البحر، لأنّ المسالك كانت اثنتا عشرة على عدد الأسباط.
و قوله:رَبِّكُمْ الباء إمّا للسببية الفاعليّة، أي حصلت فيه فرق،
و مسالك بسلوكهم فيه كما يفرق بين الشيئين بما توسّط بينهما أو الغائيّة، أي بسبب
إنجائكم و لأجله. أو للملابسة، و يكون في موضع الحال، أي فرقناه متلبسّا بكم، كقول
الشاعر
كأن خيولنا
كانت قديما
تسقى في قحوفهم الحليبا
فمرّت غير نافرة عليهم
تدوس بنا الجماجم و التريبا
[1]: «تدوس
بنا
الجماجم و التريبا» أي: تدوسها و نحن راكبوها.