نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 353
و
قوله [1]: صلّى اللّه
عليه و آله: «أوّل ما خلق اللّه نوري».
و هو يتفصّل بحسب التعيّنات و التنزّلات الأوّلية الروحانيّة إلى
العقول السماوية و الأرواح العلويّة و الكروّبيين و أرواح الكمّل من الأنبياء و
الأولياء عليهم السلام فالعقل الأوّل تعيّن كلي يشمل جميع هذه التعيّنات التي كلّ
منها أيضا كلّي بالإضافة إلى ما دونها، و يمدّها و يفيض عليها النور و الحيوة، و
قياس إحاطته الوجوديّة لتلك العقول و الأرواح الكليّة كقياس الإحاطة العموميّة
لجنس الأجناس بالنسبة إلى سائر الأجناس و الأنواع التي تحته.
و قد علمت إنّ الكليّة في هذا المقام تستعمل بمعنى آخر، فلا تخلط و
لا تخبط، فإنّ الأرواح المتعيّنة بالتعيّنات الكليّة الأسمائيّة من المجردات
العقليّة و النفوس الملكيّة و الفلكيّة، و الأرواح النبويّة، ممدّات و مفيضات لما
تحتها من الأرواح الجزئيّة المتعيّنة بالتعيّنات البشريّة و حكمة عليها، و سائسة
لها سياسة الأنبياء عليهم السلام أممها. فنفوس الأمم بالنسبة إليها كالقوى
الجسمانيّة و النفسانيّة بالنسبة إلى أرواحنا المدبّرة لأبداننا.
و إذا تقرّر هذا فنقول: أرواح الأنبياء هي المتعيّنة بالتعيّنات
الكليّة في الصفّ الأول، و أرواح أممهم- بل كثير من الملائكة و الأرواح و النفوس
الفلكيّة- كالقوى و الأعوان و الخدم بالنسبة إليهم. و من هذا يعرف سجود الملائكة
لآدم أبي البشر عليه السلام، و سرّ طاعة الجن و الإنس لسليمان عليه السّلام، و سرّ
إمداد الملائكة لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله في قوله:أَ لَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ
مِنَ الْمَلائِكَةِ [3/ 124] فعلى هذا كانت
الأنبياء الذين قتلوا في زمان ولادة موسى عليه السّلام هي الأرواح التي كانت تحت
حيطة روح موسى عليه السّلام و في حكم امّته و أعوانه و خدمه.
فلما أراد اللّه تعالى إظهار آيات الكلمة الموسويّة و معجزاتها و
حكمها