نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 326
و اعلم إنّه يمكن أن يتمحّل للقول الأوّل من هذه الثلاثة وجه يندفع
به فساده و هو إنّ المراد بالأرواح مرتبة غير النفوس التي هي مورد المقت و العذاب،
و موضع الآلام و الأسقام. فإنّ الروح إذا أريد به جوهر قدسيّ من عالم الأمر له
تعلّق بالنفوس البشريّة فهو سعيد في الدنيا و الآخرة.
و قد وقعت الإشارة إلى هذا المعنى فيما سبق من أنّ نسبة الروح
الحيواني إلى الروح النطقي كنسبة الدابّة إلى راكبها، و أنّ التي قامت الحدود بها
و تحسّ بألم القتل و الضرب هي النفس الحسّاسة، و إن النفس الناطقة على شرفها مع
عالمها في سعادتها دائمة.
110
و
قد سبقت أيضا الرواية
عن النبي صلّى اللّه عليه و آله [1] إنّه قامت لجنازة يهودي فقيل له:
«إنّها
جنازة
يهودي» فقال صلّى اللّه عليه و آله: «أ ليست نفسا؟»
أراد صلّى اللّه عليه و آله بها نفسه الناطقة، فقام تعظيما لشرفها و
مكانتها لأنّها منفوخة من روح اللّه، فهي من عالم القدس 111 و الطهارة لا يكدّرها شيء من الأرجاس. بل إنّ من النفس
الحيوانيّة محلّ الشفاء في الدنيا و الآخرة و هي في الإنسان باقية بعد البدن،
محشورة في الآخرة- كما أقيم عليه البرهان، و هو من العرشيّات 112 المختصّة بهذا العبد عناية من اللّه.
و أمّا ما ذهب إليه مقاتل بن سليمان و بعض المرجئة «من
أنّ
عصاة المؤمنين لا يعذّبون، و إنّما النار للكفار» تمسّكا بالآيات الدالة على
اختصاص العذاب بالكفار مثل قوله [تعالى]:قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَ
تَوَلَّى [20/ 48] و قوله:إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَ السُّوءَ
عَلَى الْكافِرِينَ [16/ 27] فجوابه إنّ
المراد من العذاب ما هو على وجه الخلود. و كذا المراد من الخزي و السوء.