نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 305
فمن جوّز صيرورة اللاشيء- كالمادّة الاولى- شيئا- أي صورة بناء، على
ما هو التحقيق من الاتّحاد بين المادّة و الصورة المقوّمة إيّاها، اتّحادا في
الوجود، و إن كانا مختلفين في المعنى و المفهوم كالاتّحاد بين الجنس و الفصل، لأنّ
الجنس و الفصل هما عين المادّة و الصورة بالذات و غيرهما بالاعتبار- و كذا جوّز
صيرورة الجماد كالنطفة حيوانا، و الحيوان جوهرا عاقلا بالقوّة. كيف أنكر صيرورة
العاقل بالقوّة عاقلا بالفعل؟ أو صيرورة العقل المنفعل عقلا فعّالا؟! فإنّ
المباينة هناك ليست بأقلّ من المباينة هاهنا.
فإن قال قائل إنّ المادّة ما صارت صورة قبلتها، فإنّ الإنسان من مبدأ
تكوّنه في الرحم عند الشهر الرابع من حين استقرار النطفة فيه إلى آخر كماله في
العلم و الولاية شيء واحد بعينه في الوجود و الجوهريّة بالذات، و قد طرأ عليه
صفات و أعراض حتّى لم يكن فرق بين أجهل الناس كأبي جهل و أعقلهم كمحمّد صلّى اللّه
عليه و آله فقد كابر مقتضى عقله و فطرته.
بل الإنسان أبدا في التحوّل إلى النشآت و الأطوار، إلى أن ينقلب إلى
الدار الآخرة. و هذا عامّ لكلّ أحد، سواء أتمّ حركته التحوّليّة في القوس
الرجوعيّة- حتى إذا وصل منتهاه، و بلغ إلى مناه، و فاز بلقاء مولاه- أو قصّر في
ذلك فضلّ عن الطريق، و هوى في هاوية الهوى أو نزل إلى أفق البهائم، و ترك الترقي
إلى أفق الملأ الأعلى و خان في الأمانة التي أودعها اللّه فيه، و أنعم بها عليه.
بل هو أسوء حالا من البهيمة، لأنّها تتخلص بالموت، و أمّا هو فلا بدّ
له من الرجوع. لأن عنده أمانة سترجع إلى مودعها، و كانت تلك الأمانة في مبدأ
الفطرة قبل نزولها إلى القالب مشرقة زاهرة كالشمس، فإذا هبطت إليه و غربت فيه مدة
ستطلع من مغربها و ستعود إلى مبدئها و بارئها- إمّا مظلمة منكسفة، و إمّا مشرقة
زاهرة.
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 305