نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 304
و العجب من بعض الحكماء- كأبي علي و أتباعه- كيف أنكروا على بعض
المتقدّمين فيما ذهب إليه من القول بأنّ النفس الإنساني تتّحد بالعقل الفعّال عند
الاستكمال. و قد بالغ الشيخ أبو علي في الردّ على مقدّم المشاءين بعد أرسطو
المسمّى بفرفوريورس [1]- و هو عندي أعظم
تلامذة ذلك الحكيم الموحّد الربّاني لوثاقة قوله و متانة رأيه و حسن سماعه و
اهتدائه بكلام معلّم القوم بالتوحيد و المعاد ما لم يسمع غيره و لم يهتد به من
سواه من شركائه في التعليم و الصناعة، كالإسكندر الافروديسي، و ثامسطيوس، و غيرهما
من شرّاح كلماته و أسراره، و نقلة كتبه و أسفاره و حفظة علومه و أخباره.
و وجه العجب إنّه كيف خفى الحال على مثل أبي عليّ و من يحذو حذوه حتى
شنّعوا على القول باتّحاد العقل المنفعل بالعقل الفعّال؟! و قد شاهدوا من الإنسان
الانتقال في الصور و الأحوال.
فكان قد أتى عليه شيء من الدهر لم يكن شيئا إلا القوّة و الاستعداد،
و الحامل لها الهيولى التي هي أخسّ المواد، ثمّ اكتسى بصورة العنصريّة، بل
الأرضيّة التي هي أظلم الأجساد- فإنّها الغالب على مادّة بدنه- ثمّ تصوّر بصورة
المنويّة- و هي من أوهن الأشياء و أضعفها- و هكذا تدرّج في الاستكمال حتّى صار
حيوانا سميعا بصيرا. ثمّ استكمل و صار قابلا للاهتداء إلى طريق الحقّ- إمّا عارفا
مهتديا، و إمّا جاهلا ضالّا- كما أشار تعالى إليه بقوله:هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ إلى قوله:إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً
[76/ 1- 3].
[1] قال في الفصل العاشر من النمط السابع من الإشارات: و كان
لهم رجل يعرف بفرفوريوس، عمل في العقل و المعقولات كتابا يثنى عليه المشّاؤون، و
هو حشف كله. و هم يعلمون من أنفسهم انهم لا يفهمونه، و لا فرفوريوس نفسه. و قد
ناقضه من أهل زمانه رجل، و ناقض هو ذلك المناقض بما هو أسقط من الأوّل.
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 304