نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 261
أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ
[61/ 3] و ما
روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله إنّه قال [1]: «مررت ليلة اسري بي بقوم تقرض شفاههم بمقاريض
من نار، فقلت: من أنتم؟ فقالوا: كنّا نأمر بالخير و لا نأتيه. و ننهى عن الشر و
نأتيه».
و أمّا المعقول: فهو إنّه لو جاز ذلك لجاز لمن يزني بامرأة أن ينكر
عليها على كشف وجهها في أثناء الزنا. و معلوم إنّ ذلك مستنكر عقلا. و إنّ هداية
الغير فرع الاهتداء، و الإقامة بعد الاستقامة. و لهذا قيل: «إنّ الإصلاح زكاة نصاب الصلاح».
و الجواب: إنّ المكلف كما هو مأمور بفعل المعروف، مأمور بالأمر به
للغير.
و كما هو مأمور بترك المعصية، مأمور بمنع الغير عن فعلها مطلقا. ثمّ
المنع عن الجمع بين فعل المعصية و منع الغير عنها أو أمرهم بالطاعة يتصوّر على
وجهين، لكونه ذا جزئين. و فساد المركب من الجزئين إمّا أن يكون لفساد أحد جزئيه
بخصوصه، أو لفساد انضمام أحدهما بالآخر.
فهيهنا ثلاثة احتمالات، لكن أحدها- و هو كون المنع متعلّقا بفعل
الطاعة- ظاهر البطلان بالاتّفاق. فبقي احتمالان آخران: أحدهما أن يكون المنع
متوجها إلى فعل المعصية، كنسيان النفس فيما نحن فيه. و الثاني أن يكون متوجّها إلى
الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر مع فعل المعصية. فيكون المنع هاهنا عن ترغيب
الناس بالبرّ مع نسيان النفس و الحقّ في معنى الآية عندنا هو الأوّل- لا الثاني-
فسقط احتجاج الخصم بالآيتين و بما تضمنّه حديث الإسراء.
و أمّا احتجاجه العقلي بما ذكره من المثال، فلا نسلّم انّ مجرّد
إنكاره عليها على كشف وجهها مستقبح عقلا. بل الاستقباح و الاستنكار على مجموع
الزنا و الإنكار عند التحليل يرجع إلى فعل الزنا- لا إلى ذلك الإنكار.