نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 254
أوسع و أقوى، فبأن يتكوّن به الأشكال و الأمثال و الأبعاد و الاجرام
من المعاني و الاعتقادات و الأفكار و الملكات كان أليق و أولى.
فليعلم إنّ هذا الثعبان المطوّق في عنق مانع الزكاة، و الحيّة
القرعاء التي تأكل من دماغه، و الشجاع الأقرع المتمكّن من أن يأخذ بلهزمتيه- المتمثّل
له يوم الآخرة- و كذا الإبل و البقر و الغنم التي ستطأ يوم القيامة بأخفافها و
تنطحه بقرونها ليست بأمور خارجة عن ذات الميّت- أعني ذات روحه لا ذات جسده فإنّ
الروح هي التي تتألّم و تتنعّم- بل هي ممّا كانت معه قبل موته متمكّنة من صميم
باطنه: لكنّه لم يكن يحسّ بلذعها و كيّها و وطثها و نطحها، لخدر و سكر كانا فيه
لغلبة الشهوات و الشواغل الملهية عن ذكر الآخرة، المنسيّة للقاء عالم المعاني و
الحقائق المتمثّلة بصورها الأصليّة.
فإنّ لكل معنى صورة أصليّة هي مثال ذاتها بالحقيقة، و صورة مجازيّة
لها تعلّق ما بتلك الصورة الأصليّة، فهي مثال المثال.
فالأشكال الاخرويّة هي مثالات المعاني و الحقائق، و الأجسام
الدنيويّة هي أمثال وضعيّة تمثّلت بتوسّط الحركات و الانفعالات، فهي كالنسخة
الثانية لكتاب الحقائق و لهذا ممّا يقع فيها الخطأ في الحكاية عنها لمن قلّت
ممارسته لقرائة الكتب، فيرى الظلمة نورا، و الظلّ حرورا، و الهاوية قصورا، و
المحنة سرورا، و العذاب
82
راحة،
و النقمة نعمة، و القبيح حسنا، و الحسن قبيحا.
فجميع ملاذ الدنيا ينقلب آلاما في الآخرة، و ذلك مما يشاهده أهل
البصيرة بعيون قلوبهم الصافية عن غشاوة الشكّ و الامتراء، فهم يشاهدون كيف تتمثّل
هذه الهيئات النفسانيّة و تتجسّم يوم القيامة، و يقرءون كتابهم و كتاب غيرهم قبل
نشر الكتب، و يحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا.
فيعلمون إنّ جميع ما ورد في باب مانع الزكاة حقّ و صدق، و يعلمون سرّ
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 254