أمرهم بالايمان بعد ما أمرهم بايفاء عهد اللّه تنبيها على أنّه
العمدة في ذلك، بل لأحد أن يقول: إنّ الايمان بما أنزل اللّه على رسوله هو عين
الإيفاء بعهد اللّه على التأويل الذي سبق ذكره في معنى العهد، و هو النور الذي
يتنوّر به القلوب، و يسلك به سبيل الآخرة، و ينكشف به حقائق الأمور و يطلع به
الإنسان على الحضرة الإلهيّة و أفعاله و آثاره و لطفه و حكمته في الدنيا و الآخرة،
قال تعالى:قَدْ
جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِينٌ
[5/ 15].
فالنور هو جنس معاني القرآن و الكتاب آيات ألفاظه، و هو أي القرآن
منزل من اللّه إلى قلب النبي صلّى اللّه عليه و آله إن أريد به المعاني. و منزل من
السماء الدنيا على سمعه الشريف إن أريد به ألفاظه.
و كلاهما عند غيبته عن إدراك هذه الحواسّ الدنيوية، فإنّ السمع الذي
كان به يسمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كلامه، و البصر الذي كان يبصر به
شخص جبرئيل عليه السّلام كانتا بوجه غير هاتين الحاسّتين العنصريّتين، و إن كانتا
بوجه عينهما.
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 213