نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 177
من الغائلة، او ترك الأكل حتّى ضعف عن العبادة و الفكر فقد أخسر
الميزان، و من انهمك في الشهوات فقد طغى في الميزان، و إنما العدل أن يخلو الوزن و
التقدير عن الطغيان و الخسران، و تتعادل كلتا كفّتي الميزان، و في ذلك تحصل النجاة
عن عالم الاضداد و خلاص النفس عن أسر عفاريت الظلمات و أفاعي الشهوات، فإنّ
التوسّط بين الأطراف بمنزلة الخلوّ عنها.
فهذه هي الفضائل و الخيرات المحضة، و هي سعادة الآخرة، و يرجع حاصلها
إلى أربعة امور: بقاء لا فناء له، و سرور لا غم فيه، و علم لا جهل معه، و غنى لا
فقر معه، و هي النعمة الحقيقية. و لذلك
قال صلّى اللّه عليه و آله «لا
عيش
إلّا في الاخرة»
و صدر هذا القول منه صلّى اللّه عليه و آله مرّتين: مرّة في الشدة
تسلية للنفس، و ذلك في وقت حفر الخندق
[1]
في
شدّة الضرّ، و مرّة اخرى في السرور منعا للنفس من الركون إلى سرور الدنيا و ذلك
عند إحداق الناس به في حجّة الوداع
[2].
و
قال [رجل]: «إنّي أسئلك تمام النعمة» فقال صلّى اللّه
عليه و آله [3]: «و هل تعلّم ما تمام النعمة؟» قال: «لا». قال: «دخول الجنّة».
و أمّا المنفعة- أعني النعمة التي هي وسيلة إلى ما هو خير حقيقي-
فتنقسم إلى الأقرب الأخصّ بالخير، كفضائل النفس، و هي كما مرّ: عفة و شجاعة، و
حكمة و عدالة. و إلى ما يليه في القرب، كفضائل البدن، و هو الثاني. و إلى مايلي
هذا في القرب، كالأسباب المطيفة بالبدن من المال و الأهل و العشيرة، و إلى ما يجمع
بين