نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 175
و اعلم إنّ «النعمة» يعبّر بها عن كلّ خير و منفعة و لذّة، سواء كان
في الدنيا أو في الآخرة. و «الخير» هو المؤثر المختار بحسب الواقع.
و «المنفعة» ما يكون وسيلة إلى الخير بالذات، فهي يكون خيرا
بالعرض، و «اللذّة» قد تطلق بمعنى الشهوة، و هي التي تكون مختصّة
بإدراك الحواسّ، كلذّة البطن، و الفرج، و المال، و الجاه. و قد تطلق بمعنى إدراك
الملائم سواء كان للعقل أو الحسّ. و الأوّل لا يكون خيرا، إلّا انها يمكن أن يكون
منفعة، و ذلك إذا كانت على وجه يؤدّي إلى الخير الحقيقي.
و كلّ واحد من هذه المعاني الثلاثة يمكن أن يصدق على بعض أفراد
الآخرين فإنّ الشيء يمكن أن يكون خيرا و لذيذا و منفعة، كالعلم بمسئلة إلهيّة
يؤدّي إلى العلم بمسئلة اخرى منها، فإنّ العلوم الإلهيّة كلّها خير، لأنّه كمال
عقليّ باق دائما، و كلّ موجود باق دائما فهو خير، و هو أيضا وسيلة إلى خير آخر
فيكون منفعة، و هو في نفسه لذيذ عند العالم به، و إن لم يكن لذيذا عند فاقد القوّة
التي بها تدرك المعارف الإلهيّة. و اللّه سبحانه أحبّ الأشياء عند العرفاء
الأحباء، و هم أيضا أحبّ الأشياء عنده، كما يدل عليه قولهيُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ
[5/ 54]. و هو أبغض الأشياء عند المبعدين المنكرين و بالعكس، كما في
قوله صلّى اللّه عليه و آله [1]: «من أحبّ لقاء اللّه أحبّ اللّه لقائه. و من أنكر لقاء اللّه أنكر
اللّه لقائه».
و حدّ القوم «النعمة» بأنّها المنفعة المفعولة على جهة الإحسان إلى
الغير، أمّا كونها منفعة فلأنّ المضرّة المحضة لا يجوز أن يعدّ نعمة، و أمّا
التقييد بكونها مفعولة على جهة الإحسان: فلأنّه لو كان نفعا و لكن لم يقصد الفاعل
نفعه- بل ضرّه- لم يكن نعمة عليه، كمن أحسن إلى أحد و أراد به اختداعه أو استدراجه
إلى ضرر.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ جميع ما خلقه اللّه لعباده فهي نعمة منه،
لأنّها لا يخلو عن أمرين: إمّا خير، و إمّا منفعة- أي: وسيلة إلى ما هو الخير
بالذات. أمّا الخير
[1] الجامع الصغير (2/ 160): «... و من كره لقاء اللّه كره اللّه لقائه».
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 3 صفحه : 175