الخامس: سمّاه ظالما في قوله:فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ
[2/ 35] و هو سمّى نفسه ظالما في قوله:رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا
[7/ 23] و الظالم ملعون لقوله تعالى:
أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ
[11/ 18] و من استحق اللعن لو لا التوبة- كان صاحب كبيرة.
السادس: كونه خاسرا لولا مغفرة اللّه، لقوله:وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخاسِرِينَ [7/ 23]- و ذلك يقتضي
كونه ذا كبيرة.
السابع: إنّه أخرج من الجنّة جزاء على ما أقدم عليه من طاعة الشيطان.
و لكلّ من هذه الوجوه جواب تفصيليّ سيأتى. و الجواب إجمالا من وجوه:
أحدها- و هو المختار- إنّ النهي للتنزيه، و إنّما سمّى ظالما و خاسرا
لأنّه ظلم نفسه و خسر حظّه بترك ما هو الأولى له. و أمّا إسناد الغيّ و العصيان
إليه فسيأتي. و إنّما أمر بالتوبة تلافيا لما فات عنه، و جرى عليه ما جرى معاتبة
له على ترك الأولى، لأنّ مثله عن مثلهم عظيم
«حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين»
و وفاء بما قاله للملائكة قبل خلقه.
و ثانيها إنّه فعله عن نسيان، لقوله تعالى:فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً
[20/ 115] و لكنّه عوتب بترك التحفّظ عن أسباب النسيان و ترك اليقظة، و التنبّه
لاصابة المراد، و لعلّ النسيان- و إن حطّ عن الأمّة- لم يحط عن الأنبياء لعظم
قدرهم، كما