نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 2 صفحه : 204
و فردانيّته التي لا مجال لوجود الكثرة و الإمكان عنده، و لا لظهور
يتشارك في صفة الوجود لديه، فيهلك كلّ شيء يوم القيامة لدى غضب اللّه الواحد
القهّار، و يضمحلّ كلّ ظلّ و فيء عند غلبة ظهور نور الأنوار، و
قد ورد في الحديث عنه[1]صلّى
اللّه عليه و آله: «إنّاللّه يغضب اليوم غضبا لم يغضب مثله».
و اعلم إنّ النار- سيّما نار الآخرة- صورة من صور غضب اللّه الساري
في العوالم، و شرر من شرارة ناره، و مظهر من مظاهر قهره، و كذا شرّ إبليس و شرور
جنوده و أولاده مظهر آخر فوقها، و الهاوية مظهر دونها؛ كما إنّ الماء- سيّما ماء
الحيوة و الكوثر- صورة رحمته، و العرش الذي على الماء محلّ استواء الرحمن صورة فوق
ذلك. و المادّة الاولى دونه و النبيّ الخاتم- صلوات اللّه و سلامه عليه و آله-
لكونه رحمة للعالمين هو المظهر الجامع لشؤون الرحمة الإلهية، كما إن في مقابله
إبليس هو الجامع لجميع الشرور، الحاوي هو و أولاده و جنود إبليس أجمعين لمظاهر
الغضب و شئونه إلى يوم الدين.
و بالجملة ما من شيء في هذا العالم إلّا و ينتهي أصله و سرّه إلى
حقيقة إلهيّة و سرّ سبحاني، و أصل ربّاني، و مطلع أسمائي و مشرق قيّومي، و يكون
نحو وجوده في عالم الوحدة الجمعيّة الإلهية معرّى عن كل كثرة و شوب، مبرّأ عن كل
نقص و عيب.
و هكذا في جميع ما ينسب إليه تعالى من الصفات التشبيهيّة- كالحياء و
الغضب و الانتقام و الرحمة، و الرضا، و الصبر، و الشكر، و القبض و البسط، و السمع
و البصر و الشوق، و اللطف- و ما أشبهها-.
و كذلك اليد، و اليمين، و القبضة، و القلم، و اللوح، و الكتابة، و
الذهاب،