نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 2 صفحه : 203
لحقتها في هذا العالم و في المراتب النازلة لبعدها عن منابع الخيرات.
فصورة الغضب إذا وجدت في عالم الأبدان عبارة عن ثوران دم القلب و
انتشار العروق و ارتفاعها بها إلى أعالى البدن، كما يرتفع النار الذي يغلي في
القدر، فيحمرّ الوجه و العين، و البشرة يحكى ما ورائها من حمرة الدم، كما يحكى
الزجاجة لون الشراب الذي فيها.
و إذا وجدت في عالم النفس فهي عبارة عن حالة نفسانيّة توجب اشتعال
نار الطبيعة و إحراق موادّ البدن و رطوباتها، و تفعل بها ما تفعل النار المحسوسة
بالحطب اليابس، و يتصاعد عند شدّة ناره دخان مظلم إلى معدن الفكر فيستولى ظلمته
على نور العقل و ينطفي و ينمحي في الحال بدخان الغضب.
و ربما يتعدّى الإظلام إلى معادن الحسّ، فيظلم عين الرجل حتّى لا يرى
بعينه و تسودّ عليه الدنيا بأسرها، و يكون دماغه ككهف، كانون أضرمت فيه نار فاسودّ
جوّه و حمى مستقرّه، و امتلأ بالدخان جوانبه، و لا يسكن عن ذلك بالموعظة و غيرها،
بل يفعل ذلك إلى أن يحترق جميع ما يقبل الاحتراق.
و ربما يشتد بحيث يفني الرطوبة التي بها حيوة البدن، فيموت صاحبه
غيضا، كما يقوى النار في الكهف فيشقق فتنهد أعاليه على أسافله، و ذلك لإبطال النار
ما في جوانبها من القوّة الممسكة الجامعة لأجزائها.
فهذا حال الغضب الناشئ من النفس، و لا ينفكّ عن انفعالات و كدورات و
آلام يعود إليها، حيث إنّه يسرى حكم الغضب أولا في البدن و المملكة و جنودها و
قواها، و بواستطها يسرى إلى عدوها.
و أما إذا وجدت صورة الغضب في عالم العقل فحقيقتها هي القهر على ما
دون عالمه- قهرا يوجب خضوع النفوس التي هو فوقها، و طاعة الطبائع و الأجرام التي
هي تحتها من غير تغيّر و لا شوب انفعال، لبرائة عالم العقل عن سنوح التغيّرات و
الانفعالات و أما الغضب الإلهى فإنّما هي صفة قهّاريّته على الكلّ و غلبة نور
أحديّته
نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 2 صفحه : 203