نام کتاب : تفسیر القرآن الکریم نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 12
تنبيه [انتهاء مقام الاستعاذة]
ثمّ لا يخفيّن
[1]
عن
فطانتك إن قول العبد «أعوذ بكلمات اللّه التامّات» من حيث هي موجودات
متغايرات غيريات إنما يلائم له و يليق به إذا كان بعد غير واصل إلى صفو العبودية و
مقام الرجوع التام و يكون قد بقي في نظره التفات إلى غير اللّه. فهو بعد مريد نفسه
و قاصد حظّه و أما إذا تغلغل في بحر التوحيد و توغّل في بحر الحقائق و صار بحيث لا
يرى في الوجود إلا الله الواحد لم يستعذ إلّا باللّه و لم يلتجئ إلا إليه و لم
يعوّل إلا عليه فلا جرم يقول: أعوذ بالله. و أعوذ من اللّه [باللّه]. كما
قال النبي
[2]
صلّى
اللّه عليه و آله:
أعوذ
بك منك.
ثمّ اعلم إن في هذا المقام أيضا يكون العبد مما قد بقي في قلبه
اشتغال بغير اللّه و مقام الأنبياء و الأولياء- صلوات الله عليهم السلام- أعلى و
أجلّ من هذا المقام و إنما يجرى منهم الاستعاذة و الدعاء و المناجاة و ما يجرى
مجراه إما تعليما للامّة. و أما عند نزولهم أحيانا إلى مقام البشرية و مباشرة
الخلق ما داموا في هذه الحيوة الدنياوية. و ذلك لأن مرتبتهم أعلى من أن يشتغلوا
بالمناجاة و أن يستعيذوا بالله من الشدائد. لأن من كان في هذه المرتبة كانت قبلته
في دعائه و استعاذته طلب راحة لنفسه أو دفع أذى عنه. فهو بعد أسير الهوى معتكف على
طلب ما هو الأولى لنفسه. تارة يعتريه الخوف و تارة يسلبه الرجا. و هذه كلّها
اشتغال بغير الله. فإذا ترقى العبد عن هذا المقام و فنى عن نفسه و فنى أيضا عن
فنائه عن نفسه فهيهنا يترقى عن مقام الاستعاذة و يصير مستغرقا في نور البسملة. ألا
ترى
إنّ رسول الله- صلى الله عليه و آله لما قال في سجوده: أعوذ بك منك.