و منها تعميم الحكم لباقي المساجد كما ذهب إليه مالك، و هو غير صريح
الآية فيحتاج إلى دليل، و ذهب الشافعيّ إلى الاختصاص بالمسجد الحرام، و أجاز
دخولهم في غيره، ثمّ قوله «بَعْدَعامِهِمْ هذا» في الكشّاف بعد حجّ عامهم
هذا، و لا يخفى عدم الاحتياج إلى هذا التقدير مع كونه خلاف الأصل، و ذلك العام قيل
سنة حجّة الوداع و الأصحّ أنّه سنة تسع من الهجرة، حين بعث النبيّ صلّى اللّه عليه
و آله أبا بكر ببراءة ثمّ أمر اللّه بعزله و ألّا يؤدّيها عنه إلّا هو أو رجل منه،
فبعث عليّا عليه السّلام.
في المجمع: الخمر عصير العنب المشتدّ، و هو العصير الذي يسكر كثيره،
و عن ابن عباس أنّ المراد جميع الأشربة الّتي تسكر، و هذا هو الذي تقتضيه روايات
أهل البيت عليهم السّلام، و الميسر القمار، و الأنصاب أحجار أصنام كانوا ينصبونها
للعبادة و يذبحون عندها، و الأزلام هي القداح الّتي كانوا يستقسمون بها، و الرّجس
بالكسر القذر و المأثم، و كلّ ما استقذر من العمل، و العمل المؤدّي إلى العذاب،
قاله في القاموس.
و الظاهر أنّه حقيقة في الأوّل دون البواقي و إفراده هنا لأنه جنس،
أو لأنه خبر للخمر، و خبر البواقي محذوف من جنسه، لدلالته عليه، أو خبر للمضاف
المحذوف أي تعاطى الخمر إلخ، و احتمل كونه خبرا عن كلّ واحد من عمل الشيطان لأنه نشأ
من تسويله و تزيينه، و هو صفة أو خبر آخر.
«فَاجْتَنِبُوهُ» أي ما ذكر، أو تعاطيها، أو الرجس، أو عمل الشيطان، أو كلّ واحد «لَعَلَّكُمْتُفْلِحُونَ» سبب الاجتناب.
و في الآية في تحريم الخمر و الميسر وجوه من المبالغة من مخاطبتهم
أولا ب
«ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» و الإتيان بانّما الدالّ
على حصر الأوصاف بل الحقيقة أيضا، و المقارنة للانصاب المشعر بالكفر المحض، و
الأزلام الّتي هي من شعار الكفّار، و التقديم عليهما و تسميتها رجسا، و جعلها من
عمل الشيطان المؤذن بأنّها شرّ محض.