الخطاب لرسول اللّه و أحد المفعولين «الَّذِينَيَفْرَحُونَ» و الثاني «بِمَفازَةٍ» و
«فَلاتَحْسَبَنَّهُمْ» تأكيد. و قرئ بضمّ الباء
فيهما على خطاب الرسول و المؤمنين، و بالياء و فتح الباء فيهما على أنّ الفعل
للرسول.
و قرء أبو عمرو بالياء و فتح الباء في الأوّل، و ضمّها في الثاني،
على أن الفعل للّذين يفرحون، فمفعولاه محذوفان يدل عليهما مفعولا مؤكدة، أو
المفعول الأول محذوف و قوله «فَلاتَحْسَبَنَّهُمْ» تأكيد للفعل و فاعله و
مفعوله الأول.
روى 1 أنّ رسول اللّه سأل اليهود عن شيء ممّا في التوراة فكتموا
الحق و أخبروه بخلافه و أروه أنهم قد صدقوه و استحمدوا إليه و فرحوا بما فعلوا،
فاطلع اللّه نبيه صلّى اللّه عليه و آله على ذلك و سلّاه بما أنزل من وعيدهم.
و قيل يفرحون بما فعلوا من كتمان نعت محمّد صلّى اللّه عليه و آله و
يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا من اتباع دين إبراهيم، حيث ادعوا أن إبراهيم كان
على اليهوديّة و أنّهم على دينه.
و قيل: هم قوم تخلّفوا عن الغزو مع رسول اللّه، فلمّا قفل اعتذروا إليه
بأنّهم رأوا المصلحة في التخلّف و استحمدوا إليه بترك الخروج.
و قيل: هم المنافقون يفرحون بما أتوا من إظهار الايمان للمسلمين و
منافقتهم
و لذا روى عند تفسيرها في المجمع ج 1 ص 552 و الكشاف حديث على عليه
السلام المار هناك من انه ما أخذ اللّه على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل
العلم ان يعلموا فرجع المصنف عن الإغماض و الغض فرأى شرح الآية مناسبا مع البحث
السابق و ما ذكر في شأن نزول الآية و مع ذلك كان التعرض لها إظهار أدب بالنسبة إلى
شيخه المحقق الأردبيلي قدس سره فتعرض لها في الهامش.
ثم ان أحسن ما قيل في معنى هذه الآية و المراد منها ما بينه في
تفسير المنار ج 4 من ص 288 الى ص 295 فراجع فإنه لا يخلو من لطف و دقة و هو
المناسب للحديث المروي في الدر المنثور ج 2 آخر الصحيفة 109 عن ابن ابى حاتم عن
محمد بن كعب القرظي.