«لايَسْئَلُونَ
النَّاسَ إِلْحافاً» إلحاحا، و هو أن يلازم المسئول حتى يعطيه و هو مصدر نصب على الحال أى
لا يسألون ملحفين أو على المصدر لأنه سؤال على صفة و المعنى أنهم لا يسألون و إن
سألوا الضرورة فبلطف من غير إلحاح، و قيل بل المراد نفى السؤال أيضا عن ابن عباس.
في المجمع 1 و هو قول الفراء و الزجّاج و أكثر أرباب المعاني، و في
الآية ما يدل عليه و هو قوله «يَحْسَبُهُمُالْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ» في المسئلة، و لو كانوا
يسألون لم يحسبهم الجاهل أغنياء لأنّ السؤال ظاهر في الفقر، و كذا قوله «تَعْرِفُهُمْبِسِيماهُمْ» و لو سألوا لعرفوا بالسؤال
و إنّما هو كقولك ما رأيت مثله و أنت لم ترد له مثلا ما رأيته و إنّما تريد أن ليس
له مثل فيرى، فمعناه لم يكن سؤال فيكون إلحاح.
و في الحديث: إنّ اللّه يحبّ أن يرى أثر نعمته على عبده و يكره البؤس
و التبأّس و إنّ اللّه يحبّ الحيي الحليم المتعفّف و يبغض البذيّ السئّال الملحف،
و عنه عليه السّلام إنّ اللّه كره لكم ثلاثا: قيل و قال، و كثرة السؤال، و إضاعة
المال، و نهى عن عقوق الأمّهات و وأد البنات و عن منع و هات 2.
«وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ» من مال قليل أو كثير لهم
أو لغيرهم سرا أو جهرا «فَإِنَّاللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ» فيجازى على حسب ما يستحقّه
باعتبار حسن النفقة و الإنفاق، و مراعاة المنفق عليه كما وعد، و ما تضمّن معنى
الشرط، و لهذا سقط النون و دخل الفاء في الخبر.
في المجمع 3 قال أبو جعفر عليه السّلام: نزلت الآية في أصحاب الصفّة
و كذلك رواه 1- المجمع ج 1 ص 387.
2- المجمع ج 1 ص 387.
3- المجمع ج 1 ص 387 عن ابى جعفر و الكلبي عن ابن عباس و كذلك في الدر
المنثور ج 1 ص 358 عن ابن المنذر من طريق الكلبي عن ابى صالح عن ابن عباس و قد سرد
أبو نعيم أسماء عدة من أصحاب الصفة و ما ورد فيهم في حلية الأولياء ج 1 ص 347 الى
آخر 397 و ج 2 من ص 1 الى ص 39.