أنّ المراد بعدم القبول عدم حصول الثواب و التقرب إلى اللّه، فلا
تنافي ما يظهر من كلام الأصحاب من صحّة وقفهما و لزوم حكمه، نعم ظاهر الأصحاب ترتب
الثواب على وقف الفاسق و نحوه فليتأمل.
و قد يستفاد عدم قبول كل ما يتقرب به إلى اللّه و تقع عبادة سواء
الإنفاق و غيره لعدم قائل بالفرق كما صرح به جماعة و أما عدم الصحة فهو الظاهر في
كلّ ما يستلزم صحته حصول الثواب كالعبادات المحضة نحو الصلاة و الصيام، فلا تبرئ
بها الذمة أيضا و أما غيره فلا، فلا يقدح في ذلك أخذ حاكم الشرع الزكاة منهم قهرا
مع الامتناع و حصول براءة الذمة من المال حينئذ كما هو ظاهر الأصحاب، فإنّ الظاهر
أنّ هنا أمرين حق ماليّ كالدين و تأدية شرعية، فلم يتوقف الأول على الثاني، مراعاة
لجانب ذي الحق كما هو مقتضى الأصل، و أما جبر تارك الصلاة عليها مع العلم بفسقه
مثلا فلعلّه حفظا لأحكام الشرع من الخلل، و سدا لباب الجرأة على الخلاف، فلا يقدح
بطلانها فافهم.
و قد تقدم القول بإشعار الآية بأن إتيان الصلاة كسلانا يقتضي عدم
قبولها و كذا الإنفاق كرها، و قد أشرنا إلى أنّ الاشعار ينبغي أن يكون بعدم
الإتيان إلا كذلك، و لا إشكال في ذلك على ما فصلنا، و إن كان خلاف ظاهر جمع من
الأصحاب، خصوصا في الصلاة.
نعم لا يبعد فهم وجوب إتيان الصلاة غير كاسل فقد روى في الصحيح [1] عن أبي جعفر عليه السّلام و لا تقم إلى الصلاة متكاسلا و لا متناعسا
و لا متثاقلا، فإنها من خلال النفاق، فان اللّه نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة
و هم سكارى: يعنى سكر النوم، و قال للمنافقين «وَإِذا قامُوا
إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ
إِلَّا قَلِيلًا».
[1] انظر نور الثقلين ج 1 ص 400 و كذا
العياشي ج 1 ص 242 الرقم 134 عن زرارة عن ابى جعفر و في الكافي الباب الأول من باب
الخشوع في الصلاة بوجه ابسط و هو في مرآت العقول ج 3 ص 119 و في الوسائل الباب 1
من أبواب أفعال الصلاة ج 4 ص 677 المسلسل 7083 و ما نقل المصنف شطر من الحديث و
بهذا المضمون أحاديث أخر أيضا.